للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه من إذهاب المنكر وزوالِهِ، والقيامِ بحقوق الشرع وشعارِ الإسلام.

وإذا أجزنا الاستسلامَ ففي استحبابِهِ وجهان للشافعية (١)، وهاهنا أولى بالاستحباب كما ذكرناه.

أما إذا منعنا الاستسلامَ فسببُه أن النفس حقٌّ لله عز وجل، وليست من حقوق العبد التي له إسقاطَها، فإن الله تعالى حرَّم على العبد قتلَ نفسه، وتعلَّقَ به الوعيدُ الشديدُ، وإذا كان قتلُ نفسه محرماً عليه لحق الله تعالى، فهو بمنزلة قتل غيره، فكما ليس له أن يُنْكِرَ على الخمر بحيث يؤدي إلى قتل مسلمٍ غيره، فكذلك في قتلِ نفسِهِ.

ولا يعارض هذا إلا ما فيه [من] (٢) القيام بالشعار وزوال المفسدة، وعلى هذا التقدير يكون المقتضي للمنع قائماً، وما يقال في ذلك من إقامة الشعارِ وإهانة العاصي، فهو من قبيل المعارض، ومحل النظر فيه: أنه هل يساوي ذلك المقتضي - أو يَرجُح عليه - حتى يُقدَّمَ عليه، ويباحُ الإنكارُ مع قيام المفسدة لأجل معارض المصلحة؟

ومما يستدل به على الجواز: الحديثُ عن أبي سعيد الخُدْري - رضي الله عنه -: أن النّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ أفضلَ الجهادِ كلمةُ عَدْلٍ عند سلطانٍ جائرٍ".

وهذا الحديث أخرجه الترمذي في "جامعه" من رواية عطيَّة، عن أبي سعيد الخُدْري، وقال فيه: وهذا حديث حسن غريب (٣).


(١) انظر: "الوسيط" للغزالي (٦/ ٥٢٩).
(٢) سقط من "ت".
(٣) تقدم تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>