للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون بالمنع قبل الوقوع، ويكون في حال الوقوع، ويكون بعد الوقوع، وذلك كلام جلي (١)، ويبقى النظر فيما به يُزال في هذه الأحوال، فإنه قد يمتنع الإنكار ببعض الوجوه بالنسبة إلى بعض هذه الأحوال.

ومثالُه: ما إذا كان الشخص إذا خلا بنفسه قطَعَ طرَفَ نفسِهِ، فالمنعُ هاهنا بقتله في الحال أو بقتاله المؤدي (٢) إلى قتله ممنوعٌ، وعُلِّل بأنه لا يُعلم يقيناً، ولا يجوز سفكُ دم بتوهُّمِ معصيةٍ، ولكنا إذا رأيناه في حال المباشرة للقطع (٣) دفعناه، فإن قاتَلنا قاتلناه، ولا نبالي بما يأتي (٤) على روحه، هكذا قيل (٥).

وفي التصؤير تضييقٌ؛ لأنَّا إنْ تركناه حتى يشرع في القطع حقيقةً وقعتِ المفسدة، ولو في ابتداء القطع، فإن الجرح أيضاً مُنكَر ومحرم، فلا بد أن يقع الإنكار قبل الشروع، إنْ أراد بالشروع الشروعَ في حقيقة الأمر، وينبغي أن يُفْصَل في هذا بين القُرْب والبعد من الشروع، وقوةِ احتمالِ أن لا تقع المفسدة وضعفِه (٦)، والله أعلم.


(١) في الأصل و "ت": "جملي"، والمثبت من "ب".
(٢) "ت": "المفضي".
(٣) "ت": "مباشرة القطع".
(٤) "ت": "يتأتى".
(٥) انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (٢/ ٣٢٤).
(٦) "ت": "ضعفها".

<<  <  ج: ص:  >  >>