للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالثة والأربعون بعد الثلاث مئة: يعرضُ (١) الفاضلُ أبو عبد الله المازري المالكي - رحمه الله - لذكر الحكم في هذا الأدب الذي ذكرناه من سلام الراكب على الماشي: [لفضلِ الراكب عليه] (٢) في باب الدنيا، فعَدَلَ الشرعُ بأن جعلَ للماشي فضيلةً أن يبدأ احتياطًا على الراكب من الكِبْر والزُّهو إذا حاز الفضيلتين، قال: وإلى هذا المعنى أشار بعضُ أصحابِنا.

قال: وأما بدءُ المارِّ على القاعد فلم أرَ [في] (٣) تعليله نصًا، ويحتمل أن يجريَ [في] (٤) تعليله على هذا الأسلوب، فيقال: بأنَّ (٥) القاعد قد يتوقَّع شرًا من الوارد عليه، أو توجَّس (٦) في نفسه خيفةً منه، فإذا ابتدأه بالسلام أَنِسَ إليه، أو لأنَّ التصرفَ والتردد في الحاجات الدنيوية وامتهانَ النفس فيها، ينقص من مرتبة المتجاوِرين (٧) والآخذين بالعزلة تورُّعًا، فصار للقاعد مزيّةً في باب الدين، فلهذا أَمَرَ بابتدائهم، أو لأنَّ القاعدَ يشقُّ عليه مراعاةُ المارين من كثرتهم والتشوفِ إليهم، فسقطتِ البداءة عنه، وأُمر بها المارُّ لعدم المشقة عليه.


(١) في الأصل: "يفرض"، والتصويب من "ت".
(٢) سقط من "ت".
(٣) سقط من "ت".
(٤) سقط من "ت".
(٥) "ت": "فإن".
(٦) "ت": "توحشًا".
(٧) "ت": "المتصاونين".

<<  <  ج: ص:  >  >>