للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الدنيا، وهم المسلمون، لا للرجال فقط؛ لأنه لو أبيحَ للنساء لما انحصرت للكفار في الدنيا.

وأيضًا فإن هذا التعليل إنما هو للتزهيد فيها في الدُّنيا، والترغيب لنا فيها في الآخرة، وسائر المؤمنين مطلوبون بترجيحِ أمر الآخرة على الدنيا، ولا أثرَ في هذا المعنى للأنوثة والذكورة حتى يقال بالتخصيص، فظهرَ أن هذا الحكمَ معلل بعلةٍ دلَّ اللفظ عليها يقتضي الاستواءَ في الحكم بين الرجال والنساء.

وأما تحليلُ الذَّهب للنساء فلم يُعلَّل بعلة لفظية تقتضي عمومَ أنواع الانتفاع، وما عُلِّل لفظا راجح على ما لم يُعلَّل لفظًا، بل ربما نقول: إن المقصودَ الأظهرَ من التحليل للنساء معنى الزينة، وذلك لا يقتضي جميعَ أنواع الانتفاع حتى ينتهيَ إلى السرفِ والتبخترِ (١) والتكبرِ.

والثاني: الترجيحُ بالنصوص الشرعية الدالة على ذمِّ السَّرف؛ {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: ١٤١]، {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} [غافر: ٤٣]، {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان: ٦٧] وهذه المفسدة لا تختص بالرجال دونَ النساء، بل هما شَرْعٌ في ذلك.


= الذهب والفضة، من حديث حذيفة - رضي الله عنه -، وسيأتي تخريجه مفصلًا في الحديث الثاني من هذا الباب.
(١) "ت": "والتجبُّر".

<<  <  ج: ص:  >  >>