للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٨٧ - قال لهم أبوهم: يا أبنائي، اذهبوا فتعرفوا من أخبار يوسف وأخيه، ولا تقنطوا من تفريج الله وتنفيسه عن عباده، إنه لا يقنط من تفريجه وتنفيسه إلا القوم الكافرون؛ لأنهم يجهلون عظيم قدرة الله وخَفِيَّ إفضاله على عباده.

٨٨ - فامتثَلُوا أمر أبيهم، , ذهبوا بحثًا عن يوسف وأخيه، فلما دخلوا على يوسف قالوا له: أصابتنا الشدة والفقر، وأتينا ببضاعة حقيرة زهيدة، فكِلْ لنا كيلًا وافيًا كما كنت تكيل لنا من قبل، وتصدَّق علينا بزيادة على ذلك أو بالتغاضي عن بضاعتنا الحقيرة، إن الله يجازي المتصدقين بأحسن الجزاء.

٨٩ - فلما سمع كلامهم رق لهم رحمة بهم، وعرَّفهم بنفسه قال لهم: قد علمتم ما فعلتم بيوسف وشقيقه حين كنتم جاهلين عاقبة ما فعلتم بهما؟!

٩٠ - فتفاجؤوا، وقالوا: أإنك أنت يوسف؟! قال لهم يوسف: نعم أنا يوسف، وهذا الذي ترون معي: أخي الشقيق، قد تفضَّل الله علينا بالخلاص مما كنا فيه، وبرفع القَدْر، إنه من يتق الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، ويصبر على البلاء؛ فإن عمله من الإحسان، والله لا يضيع أجر المحسنين، بل يحفظه لهم.

٩١ - وقال له إخوته معتذرين عما صنعوا به: تالله لقد فضّلك الله علينا بما أعطاك من صفات الكمال، ولقد كنا فيما صنعنا بك مسيئين ظالمين.

٩٢ - فقبل يوسف اعتذارهم، وقال: لا لوم عليكم اليوم يقتضي عقابكم ولا توبيخ، أسأل الله أن يغفر لكم، وهو سبحانه أرحم الراحمين.

٩٣ - فأعطاهم قميصه لما أعلموه بما آل إليه بصر أبيه، وقال: اذهبوا بقميصي هذا، فاطرحوه على وجه أبي يَعُدْ له بصره، وأحضروا إليّ أهليكم كلهم.

٩٤ - ولما خرجت القافلة منطلقة من مصر، وفارقت العامر منها قال يعقوب -عليه السلام- لأبنائه ولمن عنده في أرضه: إني لأشم رائحة يوسف، لولا أنكم تُجَهِّلونني وتنسبونني إلى الخرف بقولكم: هذا شيخ خَرِف، يقول ما لا يعلم.

٩٥ - قال من عنده من ولده: والله إنك لا تزال في توهمك السابق بشأن منزلة يوسف عندك وإمكانية رؤيته ثانية.

[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]

• عظم معرفة يعقوب -عليه السلام- بالله حيث لم يتغير حسن ظنه رغم توالي المصائب ومرور السنين.

• من خلق المعتذر الصادق أن يطلب التوبة من الله، ويعترف على نفسه ويطلب الصفح ممن تضرر منه.

• بالتقوى والصبر تنال أعظم الدرجات في الدنيا وفي الآخرة.

• قبول اعتذار المسيء وترك الانتقام، خاصة عند التمكن منه، وترك تأنيبه على ما سلف منه.