للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٢٢ - ولما سار مقبلًا بوجهه جهة مَدْين قال: عسى ربي أن يرشدني إلى خير طريق، فلا أضلّ عنها.

٢٣ - ولما وصل ماء مَدْين الَّذي يستقون منه وجد جماعة من الناس يسقون مواشيهم، ووجد من دونهم امرأتين تحبسان أغنامهما عن الماء حتَّى يسقي الناس، قال لهما موسى عليه السلام: ما شأنكما لا تسقيان مع الناس؟ قالتا له: عادتنا أن نتأنى فلا نسقي حتَّى ينصرف الرعاة؛ حذرًا من مخالطتهم، وأبونا شيخ كبير السن، لا يستطيع أن يسقي، فاضطررنا لسقي غنمنا.

٢٤ - فرحمهما فسقى لهما أغنامهما، ثم انصرف إلى الظل فاستراح فيه، ودعا ربه بالتعريض بحاجته، فقال: رب إني لما أنزلت إليّ من أي خير محتاجٌ.

٢٥ - فلما ذهبتا أخبرتا أباهما به، فأرسل

إحداهما إليه تدعوه، فجاءته تمشي في حياء،

قالت: إن أبي يدعوك أن تأتيه قصد أن يجزيك أجرك على سقيك لنا، فلما جاء موسى أباهما، وأخبره بأخباره، قال له مطمئنًا إياه: لا تخف نجوت من القوم الظالمين فرعون وملئه، فإنهم لا سلطان لهم على مَدْين، فلا يستطيعون أن يصلوا إليك بأذى.

٢٦ - قالت إحدى ابنتيه: يا أبت استأجره ليرعى غنمنا، فهو جدير بأن تستأجره؛ لجمعه بين القوة والأمانة، فبالقوة يؤدي ما كلف به، وبالأمانة يحفظ ما ائتمن عليه.

٢٧ - قال أبوهما مخاطبًا موسى عليه السلام: إني أريد أن أزوجك إحدى ابنتي هاتين، على أن يكون مهرها أن ترعى غنمنا ثماني سنين، فإن أكملت المدة عشر سنين فهذا تفضّل منك لا يلزمك؛ لأن التعاقد إنما هو على ثمان سنين، فما فوقها تطوع، وما أريد أن ألزمك ما فيه مشقة عليك، ستجدني -إن شاء الله- من الصالحين الذين يوفون بالعقود، ولا ينقضون العهود.

٢٨ - قال موسى عليه السلام: ذلك الَّذي بيني وبينك على ما تعاقدنا عليه، فأي الأمدين عملت لك: ثمانِيَ سنوات، أو عشر سنوات، أكون قد وفيت بما علي، فلا تطالبني بزيادة، والله وكيل على ما تعاقدنا عليه، رقيب عليه.

[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]

• الالتجاء إلى الله طريق النجاة في الدنيا والآخرة.

• حياء المرأة المسلمة سبب كرامتها وعلو شأنها.

• مشاركة المرأة بالرأي، واعتماد رأيها إن كان صوابًا أمر محمود.

• القوة والأمانة صفتا المسؤول الناجح.

• جواز أن يكون المهر منفعة.