للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٢٢ - لا تجد -أيها الرسول- قومًا يؤمنون بالله ويؤمنون بيوم القيامة يحبون ويوالون من عادى الله ورسوله، ولو كان هؤلاء الأعداء لله ولرسوله آباءهم، أو كانوا أبناءهم، أو كانوا إخوانهم، أو عشيرتهم التي ينتمون إليها؛ لأن الإيمان يمنع من موالاة أعداء الله ورسوله، ولأن رابطة الإيمان أعلى من جميع الروابط، فهي مُقَدَّمة عليها عند التعارض، أولئك الذين لا يوالون من عادى الله ورسوله -ولو كانوا أقرباء- هم الذين أثبت الله الإيمان في قلوبهم فلا يتغير، وقوّاهم ببرهان منه ونور، ويدخلهم يوم القيامة في جنات عدن تجري من تحت قصورها وأشجارها الأنهار، ماكثين فيها أبدًا، لا ينقطع عنهم نعيمها ولا يفنون عنه، رضي الله عنهم رضًا لا يسخط بعده أبدًا، ورضوا هم عنه لما أعطاهم من النعيم الَّذي لا ينفد، ومنه رؤيته سبحانه، أولئك الموصوفون بما ذُكِر جند الله الذين يمتثلون ما أمر به، ويكفّون عما نهى عنه، ألا إن جند الله هم الفائزون بما ينالونه من مطلوبهم، وبما يفوتهم من مرهوبهم في الدنيا والآخرة.

[سورة الحشر]

- مدنية-

[مِنْ مَقَاصِدِ السُّورَةِ]

إظهار قوة الله وعزته في توهين اليهود والمنافقين، وإظهار تفرقهم، في مقابل إظهار تآلف المؤمنين.

[التَّفْسِيرُ]

١ - عَظَّمَ الله ونزَّهَهُ عما لا يليق به كلُّ ما في السماوات وما في الأرض من المخلوقات، وهو العزيز الَّذي لا يغالبه أحد، الحكيم في خلقه وشرعه وقدره.

٢ - هو الَّذي أخرج بني النَّضِير الذين كفروا بالله، وكذبوا رسوله محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، من ديارهم بالمدينة لأول إخراج لهم من المدينة إلى الشام، وهم من اليهود أصحاب التوراة، بعد نقضهم لعهدهم وصيرورتهم مع المشركين عليه؛ أخرجهم إلى أرض الشام، ما ظننتم -أيها المؤمنون- أن يخرجوا من ديارهم لما هم عليه من العزة والمنعة، وظنوا هم أن حصونهم التي شَيَّدوها مانعتهم من بأس الله وعقابه، فجاءهم بأس الله من حيث لم يُقَدِّروا مجيئه حين أمر رسوله بقتالهم وإجلائهم من ديارهم، وأدخل الله في قلوبهم الخوف الشديد، يدمرون بيوتهم بأيديهم من داخلها لئلا ينتفع بها المسلمون، ويدمرها المسلمون من خارجها، فاتعظوا يا أصحاب الأبصار بما حلّ بهم بسبب كفرهم، فلا تكونوا مثلهم، فتنالوا جزاءهم وعقابهم الَّذي عوقبوا به.

٣ - ولولا أن الله كتب عليهم إخراجهم من ديارهم، لعذبهم في الدنيا بالقتل والسبي، كما فعل بإخوانهم من بني قُرَيْظة، ولهم في الآخرة عذاب النار ينتظرهم خالدين فيه أبدًا.

[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]

• المحبة التي لا تجعل المسلم يتبرأ من دين الكافر ويكرهه، فإنها محرمة، أما المحبة الفطرية؛ كمحبة المسلم لقريبه الكافر، فإنها جائزة.

• رابطة الإيمان أوثق الروابط بين أهل الإيمان.

• قد يعلو أهل الباطل حتَّى يُظن أنهم لن ينهزموا، فتأتي هزيمتهم من حيث لا يتوقعون.

• من قدر الله في الناس دفع المصائب بوقوع ما دونها من المصائب.