للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التراويح تُصلَّى فُرادى لا جماعةً، وخالفه الثَّلاثة، فاستحبُّوا فيها الجماعة كما فعل عُمر والصَّحابة، واستمرَّ عليه عمل المسلمين؛ لأنَّه من الشَّعائر كالعيد، وأجابوا عن الحديث بأنَّ ذلك خشية أن تُفترض، وبعد وفاته أُمن ذلك، وهو الجواب عن العيد ونحوهما.

وفيه جواز الاقتداء بمن لم يَنوِ الإمامةَ، فإنْ نوى عند اقتدائهم حصَل له فضيلةُ الجماعة، وإلا حصَل لهم دونه؛ فإنَّ الأعمال بالنيَّات، وأنَّ الكبير إذا فعَل شيئًا خلاف ما يتوقَّعه أتباعُه يَذكر لهم عُذْرَه وحِكْمَته.

قال (ن): وفيه الإشارة إلى ما كان عليه - صلى الله عليه وسلم - من الزُّهد في الدُّنْيا، والاكتفاء من متاعها بما لا بُدَّ منه، وجوازُ النَّفْل في المَسجِد، والجماعةُ في غير المكتوبة، وتركُ بعض المصالح لخوف مفسدةٍ أعظم، أي: كحصول الرِّياء، وشفقته على الأُمة، ولفظ: "أفضلُ الصَّلاة"، وإنْ كان عامًّا، لكن يخصَّص بما ليس من شعائر الإسلام كالعيد، والكسوف، والاستسقاء، والتَّراويح على الأصحِّ.

ونازع في أنَّ هذه الحُجْرة في المَسجِد؛ لأنَّه قال: صلُّوا في بيوتكم، فلا يأمرهم بشيءٍ ويفعل غيره مما ليس أفضلَ، فإنْ كان صحَّ أنَّ ذلك في المَسجِد، فيُجاب بأنَّه لمَّا احتجَره صار لاختصاصه به كأنَّه بيتُه، أو لأنَّ القَصْد بالبيت عدَم الرِّياء، وهو معصومٌ منزهٌ عن الرِّياء وغيره.

ولا يخفى فيما قالَه من النَّظَر؛ لأنَّ كونه في المَسجِد أفضليةٌ باعتبار الاعتكاف، فلم يفعل إلا الأفضل.

* * *