للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(استمعوا)؛ أي: اسمعوا بقَصْدٍ وإصغاءٍ فيه تصرُّفٌ بخلاف سَمع، فإنه أعمُّ.

(فهنالك) ظرْفُ مكانٍ، والعامل فيه: (قالوا)، وفي بعضها: (فَقَالُوا)، فالعامل (رجَعوا) مقدَّرًا يُفسِّره المذكور.

قال (ن): ظاهر هذا الحديث أنَّ الحَيْلُولة بين الشَّياطين وخبَر السَّماء حدثَتْ بعد نبوَّة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك أنكرتْهُ الشَّياطين، وضرَبوا مشارق الأرض ومغاربها ليَعرفوا خبَره، ولهذا كانت الكَهانة فاشيةً في العرَب، حتَّى قُطع بينهم وبين خبر السَّماء، كما قال تعالى: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ} الآية [الجن: ٨]، وقد جاءت أشعارُ العرب باستِغرابهم رميَها؛ لكونهم لم يَعهدُوه قبل النُّبوَّة، فكان رميُها من دلائل النُّبوَّة، وقيل: لم تزَل الشُّهب مُذْ كانت الدُّنيا، وقيل: كانت قليلةً، فغلُظَ أمرُها، وكثُرت بعد البَعْث، وذكر المفسِّرون أنَّ حراسة السَّماء والرَّمي كان موجودًا، لكن عند حُدوث أمرٍ عظيمٍ من عذابٍ ينزل بأهل الأرض، أو إرسالِ رسولٍ إليهم، وقيل: كانت الشُّهُب قبل البَعث مرئيَّةً معلومةً، ولكنْ رمي الشَّياطين بها وإحراقُهم لم يكن إلا بعد النُّبوَّة، وسبب الاختلاف أن في "مسلم" ما يُعارض رواية البُخاري، فأُريد الجمع بما ذُكر.

قال (ن): وفيه مشروعيَّة الجماعة في صلاة السَّفَر، وأنها من أَوَّل النُّبوَّة.