للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ فَقَالَ: "إِنِّي مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا"، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَوَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقِيلَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ تُكَلِّمُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَا يُكَلِّمُكَ؟ فَرَأَيْنَا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَمَسَحَ عَنْهُ الرُّحَضَاءَ فَقَالَ: "أَيْنَ السَّائِلُ؟ " وَكَأَنَّهُ حَمِدَهُ، فَقَالَ: "إِنَّهُ لَا يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ، وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ إِلَّا آكِلَةَ الْخَضْرَاءِ، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ، فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ وَرَتَعَتْ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ مَا أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ -أَوْ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّهُ مَنْ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَيَكُونُ شَهِيدًا عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

(ما يفتح) في محلِّ نصْب خبر إِنَّ، والجار والمجرور قبله الخبر.

(أوَيأتي) الهمزة للاستفهام، والواو مفتوحةٌ للعطف، قال (ك): على مقدَّرٍ بعد الهمْزة، أي: على طريقِه، كما سبق مرارًا.

قال التَّيْمي: أي: أتَصير نِعْمة الله التي هي زَهرةُ الدُّنيا عُقوبةً ووَبالًا.

قال (ن): أي: كمال الغَنيمة المفتوح علينا خيرًا ثم يُرتَّب عليه الشرُّ، فأجاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: بأن الخير الحقيقيَّ لا يأتي إلا بالخير، وهذه الزَّهرة ليس خيرًا حقيقيًّا؛ لِمَا فيها من الفِتْنة والمُنافَسة، والاشتِغال عن كمال الإقْبال على الآخِرة.