للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "اسْقِ يَا زُبَيرُ! " -فَأَمَرَهُ بِالْمَعْرُوفِ-"ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ". فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: آنْ كانَ ابن عَمَّتِكَ؟ فتلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قَالَ: "اسْقِ، ثُمَّ احْبسْ، يَرْجِعَ الْمَاءُ إِلَى الْجَدْرِ". وَاسْتَوْعَى لَهُ حَقَّهُ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَالله إِنَّ هَذ الآيَةَ أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}.

قَالَ لِي ابن شِهَابٍ: فَقَدَّرَتِ الأَنْصَارُ وَالنَّاسُ قَوْلَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "اسْقِ، ثُمَّ احْبسْ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ"، وَكانَ ذَلِكَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ.

(فأمِرَّهُ بالمَعْرُوف) فعلُ أمرٍ من الإمرار، فهو مشدَّد، وفي بعضها فعلٌ ماضٍ من الأَمْر.

(واستوعى)؛ أي: استوعَبَ واستوفَى، ولعلَّه من إدراج الزُّهْرِي على عادته في الإدراج، وهو مأخوذٌ من الوِعاء، وهذا يدلُّ على أن القَول الأول كان مَشُورة للزُّبَير ومُسامحةً لجاره ببعض حقِّه لا على وجه الحُكم، فلمَّا خالَفه الخَصْم استقصَى الزُّبَير حقَّه، وقيل: بل عقوبةٌ له بالمال، والأول أوجَهُ، والرواية الثانية الآتية فى (باب: إذا أشارَ الإمامُ بالمصلَحة) مصرِّحةٌ بذلك.

قال (خ): وقيل: إنه نَسْخٌ للحُكم الأول بالثَّاني، وكان له في الأصل أن يحكم بأيِّهما شاء إلا أنه قدَّم الأخفَّ والأسهلَ مُسامحةً وإيثارًا للجِوار، فلمَّا رأى الأنصاريَّ يجهل موضعَ حقِّه نسخَ الأول بالآخر حين رآه أصلَح، وفي الزَّجْر أبلَغ.