للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُطَرِّفٍ، حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: وَأُنْزِلَتْ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} وَلَمْ يُنْزَلْ: {مِنَ الْفَجْرِ}، وَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلَيْهِ الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الأَسْوَدَ، وَلَا يَزَالُ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا، فَأَنْزَلَ اللهُ بَعْدَهُ: {مِنَ الْفَجْرِ}، فَعَلِمُوا أَنَّمَا يَعْنِي: اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ.

الثالث:

(من الفجر) بيانٌ للخيط الأَبيض، واكتفَى به عن الأَسود؛ لأنَّ بيانَ أحدهما بيانٌ للآخر، أو الفجر فيه اختِلاطٌ من سواد اللَّيل، وبَياض النَّهار، وهذا تشبيهٌ لا استعارةٌ.

وفيه جواز تأخير البيان، فإن قيل: يُعلم منه أنَّ فهمهم من الخَيطَين الحقيقةَ كان قبْل نُزول: {مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧]، فلِمَ استحقُّوا التَّعريض بالبَلاهَة؟، قيل: الرَّبْط في الرِّجل كان مقدَّمًا على النُّزول، وأصحابُه ما عرضوا بها، والجَعْل تحت الوِسادة بعد النُّزول، وصاحبه هو المُعرَّض بها، وإنما التَبس عليه؛ لأنَّه غفَل عن البَيان، ولذلك عرَّض - صلى الله عليه وسلم - بعَرْض قَفاه الدَّالِّ على البَلاهة، وهو كنايةٌ عنه؛ لإمكان إرادة الحقيقة معه أيضًا.

وأما عَرْض الوِسادة فهو كنايةٌ عن عَرْض القَفَا، فهو كنايةٌ عن كنايةٍ.

وقال (خ): المراد بعرْض الوِسادة: طُول النَّوم، فكنَّى بالوِسادة عن النَّوم؛ لأنَّ النائم يتوسَّدُهُ، ولم يُرِد بالعرْض خِلاف الطُّول، بل

<<  <  ج: ص:  >  >>