للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "قَالَ اللهُ - عزَّ وجلَّ -: يُؤْذِيني ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ، وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ".

(يؤذيني)؛ أي: يقُول ما يُتأَذَّى به مَن يَصحُّ في حقِّه التأَذِّي لا أنَّ الله تعالى يَتاَذَّى؛ لأنَّ ذلك مُحالٌ.

(وأنا الدهر) قال (خ): معناه: أنا صاحِبُ الدَّهر، وفاعِلُ الأمور التي يَنسبُونَها إلى الدَّهر، فإذا سَبَّ ابنُ آدمَ الدَّهر من أجْل أنه فاعِلُ هذه الأُمور عادَ سَبُّه إلي؛ لأنِّي فاعلُها، وإنما الدَّهر زمانٌ جعلتُه ظَرْفًا لمَواقع الأُمور.

وكان من عادتِهم إذا أصابَهم مَكروهٌ أضافوه إلى الدَّهر، وقالوا: ما يُهلكنا إلا الدَّهر، وسَبُّوه، وقالوا: بُؤْسًا للذَهر، وتَبًّا له؛ إذ كانوا لا يَعرفُون للدَّهر خالقًا، ويَرونَه أزليًّا أبَديًّا، ولذلك سُمُّوا بالدَّهْريَّة، فأَعلمَهم اللهُ تعالى أنَّ الدَّهر مُحْدَثٌ، يُقلِّبه بين ليلٍ ونهارٍ، لا فِعلَ له في خيرٍ وشرٍّ، ولكنَّه ظَرْفٌ للحَوادث.

وقال (ن): (أنا الدَّهرُ) بالرفع، وقيل: بالنَّصب على الظرف، أي: أنا باقٍ أبَدًا، والمُوافِق لقوله: (إنَّ الله هو الدَّهر) الرَّفْع، فهو مجازٌ.

قال (ش): الرفْع ضَبْط المُحقِّقين، أي: أنا الفاعِل لمَا تُضيفونه للدهر، أو الخالِق، أو المُقدِّر.

<<  <  ج: ص:  >  >>