للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَيَأْتِي الخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ تُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُكَلِّمُكَ؟ فَرَأَيْنَا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ؟ قَال: فَمَسَحَ عَنْهُ الرُّحَضَاءَ، فَقَال: "أَيْنَ السَّائِلُ؟ " وَكَأَنَّهُ حَمِدَهُ، فَقَال: "إِنَّهُ لَا يَأْتِي الخَيْرُ بِالشَّرِّ، وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ، إلا آكِلَةَ الخَضْرَاءِ، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ، فَثَلَطَتْ وَبَالتْ، وَرَتَعَتْ، وَإِنَّ هَذَا المَال خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَنِعْمَ صَاحِبُ المُسْلِمِ مَا أَعْطَى مِنْهُ المِسْكِينَ وَاليَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ - أَوْ كَمَا قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّهُ مَنْ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ، كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَيَكُونُ شَهِيدًا عَلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ".

[انظر: ٩٢١ - مسلم: ١٠٥٢ - فتح: ٣/ ٣٢٧]

(هشام) أي: الدستوائيُّ. (عن يحيى) أي: ابن أبي كثير.

(ذاتَ يومٍ) الإضافةُ فيه من إضافة المسمَّى إلى اسمه، والمرادُ: قطعةٌ من الزّمان. (إنِّي ممّا) في نسخةٍ: "إنَّ مما" وما: موصولة، أو مصدرية. (ما يفتح) في محل نصب اسم (إن)، والجارُّ والمجرور قبله خبُرها. (من زهرةِ الدنيا وزينتها) أي: حسنِها وبهجتهِا، كمالِ الغنائمِ. (فقال رجلٌ) لم يسمَّ. (أَوَ يأتي الخيرُ بالشرِّ؟) الهمزة للاستفهام، والواو مفتوحةٌ للعطف على مقدَّرٍ، أي: يخاف علينا من الخير، ويأتي الخيرُ بالشرِّ، والمعني: أتصيرُ نعمةَ الله الّتي هي زهرة للدنيا عقوبةً ووبالًا؟، فأجاب - صلى الله عليه وسلم - بعدُ بما حاصله: أنَّ الخير الحقيقيَّ لا يأتي إلا بالخير، وهذه الزهرة ليست خيرًا حقيقيًّا؛ لما فيها من الفتنة، والمنافسة، والاشتغال عن كمال الإقبال على الآخرة، بل خيرٌ عَرَضِيٌّ، فإنها خيرٌ لمن أخذ منها يسيرًا، أو كثيرًا، لكن صرفه في مصارفه كما تتسلط، وشرٌّ لمن أخذها كثيرًا ولم يصرفه في مصارفه.

(فسكت) أي: انتظارًا للوحي. (فرأينا) بفتح الراء والهمزة، أي:

<<  <  ج: ص:  >  >>