للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بنصبهما عطف على (يأخذ). (الله) فاعل يكف، أي: فيمنع الله. (بها) بالحزمه. (وجهه) أي: من أن يريق ماءه بالسؤال من النَّاس، فهو إن لم يجد من الحرف إلا الاحتطاب، فهو خير له من أن يسال النَّاس أمرًا دنيويًّا.

وفي الحديث: فضيلة الاكتساب بعمل اليد، حتّى قيل: إنّه أفضل المكاسب، وقال الماوردي: أصول المكاسب: الزراعة والتجارة والصناعة، ومذهب الشّافعيّ: أما التجارة، والأشبه عندي: أن الزراعة أطيب؛ لأنها أقرب إلى التوكل انتهى. قال النووي في "مجموعه": في صحيح البخاريّ عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يكل من عمل يده ... " الحديث، فالصواب: ما نصّ عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو عمل اليد، فإن كان زراعًا، وإن كان متمكنًا لا يعمل بيده، بل بغلمانه وأجرائه، فهو أطيب المكاسب وأفضلها؛ لأنه عمل يده؛ ولأن فيه توكلًا كما ذكره الماوردي؛ ولأن فيه نفعًا عامًّا للمسلمين والدواب؛ ولأنه لا بد في العادة أن يؤكل منه بغير عوض فيحصل له أجره (١).

١٤٧٢ - وحَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ، فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ، فَأَعْطَانِي ثُمَّ قَال: "يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا المَال خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى"، قَال حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ


(١) انظر: "المجموع" ٩/ ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>