للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كلّ أربع سنين شهرًا يسمونه صفر الثّاني، فتكون [السنة] (١) ثلاثة عشر شهرًا. ولإبطال ذلك قال الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} (٢). (إذا برأ) بفتح الراء مع الهمز ودونه (الدبر) بفتح المهملة والموحدة: الجرح الّذي يكون في ظهر الإبل من اصطكاك الأقتاب. (وعفا الأثر) أي: ذهب أثر ذلك الدبر، أو ذهب أثر الحجاج من الطريق وانمحى بعد رجوعهم بوقوع الأمطار وغيرها؛ لطول الأيَّام، لكن قال الخطابي: المعروف في عامة الروايات: عفا الوبر أي: أكثر، كقوله تعالى: {حَتَّى عَفَوا} أي: كثروا (٣). (وانسلخ) أي: انقضى صفر الّذي هو في الواقع محرم.

(حَلَّت: العمرة لمن اعتمر) أي: لمن أراد الاعتمار، وهذه الألفاظ تقرأ ساكنة الراء؛ لإرادة السجع، قال الكرماني (٤): وجه تعلق انسلاخ صفر بالاعتمار في أشهر الحجِّ الّذي هو المقصود من الحديث مع أنَّ المحرم وصفر ليسا من أشهر الحجِّ، أنهم لمَّا سموا المحرم صفرًا، وكان من جملة تصرفهم جعل السنة ثلاثة عشر شهرًا، صار المحرم الّذي سموه صفرًا آخر السنة، أو يقال: برئ الدبر إنّما هو بمضي شهر ذي الحجة والمحرم؛ إذ لا برء بأقل من هذه المدة غالبًا، وأما ذكر انسلاخ صفر -الّذي هو من الأشهر الحرم بزعمهم- فلأنه لو وقع قتال في طريق مكّة لقدروا على المقاتلة، فكأنه قال: إذا انقضى شهر الحجِّ وأثره والشهر الحرام جاز الاعتمار، أو يقال: المراد بصفر: المحرم، ويكون قوله: إذا انسلخ صفر، كالبيان لقوله: (إذا برأ


(١) من (ب).
(٢) "الكشاف" ٢/ ٢٩٨.
(٣) "اعلام الحديث" ٢/ ٨٥٧ - ٨٥٨.
(٤) "البخاريّ بشرح الكرماني" ٨/ ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>