للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتأذى المسلمون بها (١).


(١) قال ابن عثيمين -رحمه الله- في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين". حديث في تحريم الخمر: وكان تحريم الخمر على أربع مراحل، المرحلة الأولى: إباحة، أن الله أباحه للعباد إباحة طيبة، فقال تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: ٦٧]، يعني: تشربونه فتسكرون، وتتجرون به فتحصلون رزقًا.
المرحلة الثانية: عرض الله تعالى بتحريمه، وقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: ٢١٩] ولم ينه عنهما.
المرحلة الثالثة: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣]، فنهى عن قربان الصلاة في حال السكر وهذا يقتضي أنه يباح شرب الخمر في غير أوقات الصلاة.
المرحلة الرابعة: التحريم البائن قال تعالى في سورة المائدة، وهي من آخر ما نزل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: ٩٠]. فاجتنبه الناس؛ لكن لما كانت النفوس تدعو إليها، إلى الخمر وشربها، جعل لها رادع يرجع الناس عن شربها، وهو العقوبة.
ولم يقدر لها النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، فعقوبة الشارب ليست حدًّا، لكنها تعزيز ولهذا جيئ برجل شرب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اضربوه". ولا قال: أربعين، ولا ثمانين ولا مائة، ولا عشرة فقاموا يضربونه، منهم الضارب بثوبه، ومنهم الضارب بيده، ومنهم الضارب بنعله، لكن ضربوه نحو أربعين جلدة، فلما انصرفوا، وانصرف الرجل قال رجل من القوم: أخزاه الله يعني: أذله، وفضحه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تقل هكذا، لا تدع عليه بالخزي، رجل شرب مسكرًا، وجلده وتطهر بالجلد، لا تعينوا عليه الشيطان، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسبوه، مع أنه شارب خمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>