للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الصَّلاحِ وَتَبِعَه عَلَى ذَلِكَ النَّاظِم رحمه الله (١)، ومثاله: عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» (٢)، فإنَّك تجد فِي هذا الحديث أَنَّه قد رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - صَحَابِيَّان هما: أَنَسُ بنُ مَالكٍ - رضي الله عنه -، وأَبُو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -. وَرَاهُ تَابِعِيان عَنْ أَنَسِ بنِ مَالكٍ هما: قَتَادَة، وعَبْدِالعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ. كذا فِي صَحِيحِ البُخَاريّ. وكَذَلَك رَوَاهُ فِي طَبَقةِ أَتْبَاعِ التَّابِعِين عَنْ قَتَادَةَ اثنان هما: شُعْبَةُ، وَسَعِيدُ بْن أَبِي عُرُوبَةَ. وأَيضًا رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ اثنان هما: إسْمَاعِيلُ بْنُ عُليّةَ، وَعَبْد الوَارِث. ولا يُشْتَرط أن يكون ذلك فِي جميع طَبَقَاتِ السَّند حَتَى يكون عَزِيزًا؛ وإنمَّا إذا رَوَاهُ اثْنَان أَوْ ثَلاثَةٌ وَلَو مِن طَبقَةٍ وَاحِدَةٍ مِن طَبَقَاتِهِ.

وأَمَّا قَولُ النَّاظمِ: مَشْهُورُ: فبإسقاط التَّنْوِين اسْمُ مَفْعُول، واشْتَهَر بِكَذَا: عُرِفَ بِهِ، قَوْلُهُ: مَرْوِيّ فَوقَ مَا ثَلاثَة مَا زَائِدَة، يَعْنِي أنَّ الحدِيثَ الْمَشْهُور هو مَا رَوَاهُ أَكْثَرُ مِن ثَلاثَةٍ فِي الطَبَقَةِ الوَاحِدة، وَلم يَصِلْ إِلِى حَدِّ التَّوَاتُر، وهي الشُّهْرة الاصطلاحيَّة. وقد سماه بعض المحدثين الْمُستَفِض (٣) من كثرة طرقه، وَمِثَاله: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ


(١) ذهب الحافظ ابن حجر إلى تعريف العَزيز بأَنَّهُ: "مَا رَوَاهُ اثنان فقط"، وهو اصطلاح خَاصٌ به.
(٢) الجامع الصحيح، للبخاري، كتاب الإيمان، بَابٌ: حُبُّ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الإِيمَانِ، (١/ ٢).
(٣) استعمله الإمام مسلم كما فِي مقدمة صحيحه (١/ ٥)، والحافظ ابن حجر في النزهة (ص ٤٩).

<<  <   >  >>