للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دِعَامَةَ هو السَّدُوسِيُّ مُدِلِّس عَلَى جَلالَةِ قَدْرِه، كَانَ مَوْلِدُه: فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ (٦٠ هـ)، ومعلوم أنَّ ابْنَ عُمَر - رضي الله عنهم - مات بِمَكْةَ سنة ثلاث وسبعين (٧٣ هـ)، الْمُتَأمِّل يَجد أَنَّ قَتَادَةَ عَاصَر ابْنَ عُمَر - رضي الله عنهم -؛ ولكِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنهُ شَيْئًا، واختلف أَهْلُ الحدِيثِ فِي صُورةِ الْمُرسَل الْخَفِيّ، هل يَدْخُل فِي التَّدليس أم لا؟ ، والأَوْلَى عدم إلحاقه بالتَّدليس، والفَرْقُ بَيْنَ التَّدِلِيسِ وبَيْنَ الْمُرْسَلِ الْخَفِيّ هو: أَنَّ التَّدْلِيس هُوَ رِوَاية الرَّاوِي عَنْ شَيْخِهِ مَا لَمْ يَسْمَعهُ مِنهُ. وأَمَّا الْمُرْسَل الْخَفِيّ: أَنْ يَرْوِي الرَّاوِي عَمَّنْ عَاصَره ولم يَلقه أو يَسْمَعْ مِنهُ.

مِن أَسْبَابِ التَّدلِيس:

١ - القُربُ مِن الشَّيخِ، والعُلُوّ فِي الإسْنَادِ.

٢ - أَحْيَانًا قد يَكُون لإخفاء الضَّعف أو الجهالة فِي الإسْنَادِ.

٣ - أَحْيَانًا يَكُون الرَّاوي خَائِفًا عَلَى نَفْسِهِ مِن عَيبِ شَيْخِهِ، أو بِدْعَتِهِ.

الحدِيثُ الشَّاذُ:

ثم انتقل النَّاظمُ رَحِمَهُ الله إلى الكلام عَنِ الحدِيثِ الشَّاذ فَقَالَ:

٢١ - وما يُخَالِف ثِقَةٌ بِهِ الْمَلا فَالشَّاذُّ ................

قوله: وَمَا يُخَالف: أي إذا خَالَف رَاوٍ ثِقَةٌ: وهو العَدْلُ الضَّابِط فِي سِنَدِ أَو مَتْنِ حديثه بِزِيَادَةٍ أَو نُقْصَان، الْمَلا: أَي خَالَفَ جَمَاعَةً مِن الثقات فِيمَا رَوَوهُ أَو من كان أَحْفَظَ مِنْهُ،

مَعَ عدم إِمْكَان الْجمع بين الْمَرويَّاتِ، وأَمَّا إِذَا أمكن الْجمع فَلا يَكُونُ شَاذًّا ويُقْبل الْحَديث حِينَئِذٍ، فَهَذَا حَدُّ الحديثِ الشَّاذ الْمُشْتَرط انتفاؤه فِي حَدِّ الصَّحِيح. ومَعْنَى الشَّاذّ في اللغة: شَذَّ الرَّجلُ من أَصْحَابِهِ، أي: انْفَردَ عَنْهُم (١)، وقد اختار


(١) كتاب العين، للخليل بن أحمد بن الفراهيدي (ت: ١٧٠ هـ)، طبعة دار هلال، ق: د مهدي المخزومي، د إبراهيم السَّامرائي، (٦/ ٢١٥).

<<  <   >  >>