للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣٧٦٠ - حدثنا يوسف، وأبو حميد، قالا: حدَّثنا حجَّاج، عن ابن جُريج قال: أخبرني جَعْفَر بن محمد (١)، عن أبيه (٢)، عن عليِّ بن الحُسين (٣)، عن ابن عبَّاس (٤)، عن مُعاوية، أنَّه لمَّا حجَّ فطافَ بين الصَّفا والمَرْوَة، قَالَ: آيْه يَا ابْنَ عبَّاسٍ! ما تقولُ في التَّمتُّع بالعمرة إلى الحجِّ؟ فقال:

⦗٣٤٤⦘ أقول ما قال الله وعَمِلَ بِهِ رسول الله وَقُرَيْشٌ عنده، قال معاوية: أما إنِّي معه وقَصَّرْتُ عنده بِمِشْقَصِ (٥) أَعْرَابِيٍّ، فقال ابن عبَّاس: يا أمير المؤمنين فلا شهيدٌ أقربَ منْكَ ولا أعْدَلَ، فقال معاويةُ: إنَّه لو عاد عُدْنا، فقال ابن عبَّاس: يا أمير المؤمنين! فالأولى من رسول الله ضَلَالَةٌ؟ قال معاويةُ: أعوذ بالله، فقال ابن عبَّاس: فكيْف؟ (٦).


(١) ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو عبد الله المعروف بـ "الصَّادق".
(٢) محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ويُعْرف بـ "الباقِر".
(٣) علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبو الحسين أبو محمد المدني، يعرف بـ "زين العابدين"، ت / ٩٢ هـ، وقيل بعد ذلك، (ع).
قال ابن سعد: "وكان علي بن الحسين ثقة مأمونا كثير الحديث عاليا رفيعا ورِعا"، وقال الزهري: "ما كان أكثر مجالستي مع علي بن الحسين، وما رأيت أحدا كان أفقه منه، ولكنه كان قليل الحديث".
قال الحافظ ابن حجر: "ثقةٌ ثبتٌ عابدٌ فقيهٌ فاضلٌ مشهورٌ".
أنظر ترجمته في: الطَّبقات لابن سعد (٥/ ٢١١ - ٢٢٢)، تاريخ الدوري، (٢/ ٤١٦)، التاريخ الصغير للبخاري (١/ ١٥٠)، الثقات للعجلي (ص ٣٩)، الكُنى للدُّولابي (١/ ٢٥١)، الجرح والتعديل (٦ / ت ٩٧٧)، الثِّقات لابن حِبَّان (٥/ ١٥٩)، تهذيب الكمال (٢٠/ ٣٨٢ - ٤٠٣)، سير أعلام النبلاء (٤/ ٣٨٦ - ٤٠١)، تذكرة الحُفَّاظ (١/ ٧٤)، الكاشِف (٢ / ت ٣٩٥٥)، تَذْهِيْب التَّهذِيب (٣/ ٥٧)، تهذيب التهذيب (٧/ ٣٠٤ - ٣٠٧)، التقريب (ت ٥٢٩٥).
(٤) موضع الالتقاء مع مسلم، انظر تخريج ح / ٣٧٦٣.
(٥) مِشْقَص: -بكسر الميم، وفتح القاف على وزن مِفْعَل-: هو سَهمٌ فيه نَصْلُ عَرِيض.
انظر: شرح النَّووي على مسلم (٢/ ٣١٢).
(٦) هذا الحديث يرويه ابن جُريج على وجهين:
الوجه الأول: يرويه عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحُسين عن ابن عبَّاس به كما عند المصنِّف في هذا الحديث، وهذا الوجه لم يخرجْه مسلمٌ في صحيحه.
الوجه الثاني: يرويه ابن جُريجٍ عن الحسن بن مسلم، عن طاوس، عن ابن عبَّاس ، وهذا الوجه أخرجه الشَّيخان في صحيحيهما، وسيأتي برقم ٣٧٦٤ عند المصنِّف، وأكثر الرُّواةِ يروُون هذا الوجه عن ابن جرُيجٍ.
أمَّا الوجه الأول فرواه حجَّاج بن محمد عن ابن جُريجٍ به، كما عند المصنِّف، ولم يتفرَّد به، بل تابعه عُثمان بن الهيثم، وعبد الرزَّاق بن همام عند الطَّبراني في المعجم الكبير (٩٩/ ٣٠١) وعبد الوهاب بن عطاء عند المصنِّف (ح / ٣٧٦١) ثلاثتهم عن ابن جُريجٍ، على أن الأربعة (عثمان بن الهيثم، وعبد الرزَّاق، وحجَّاج بن محمد، وعبد الوهاب) رووا عن ابن جريجٍ الوجهَ الثاني أيضًا، أخرجه الطبراني في المرجع نفسه بإسناده إلى عُثمان بن الهَيثم، وعبد الرزَّاق، كلاهما عن ابن جُريجٍ، عن الحسن ابن مُسلم به، أمَّا روايةُ عبد الوهاب، وحجَّاجٍ الوجهَ الثاني فستأتي عند المصنِّف برقم: =
⦗٣٤٥⦘ = ٣٧٦١، ٣٧٦٣.
لكنَّ قوله في هذا الحديث عند أبي عوانة: "يا أمير المؤمنين فلا شهيدٌ أقرب" إلى آخره، لم أقفْ عليه إلا في طريق حجَّاج دون غيرها، وسائِرُ الرُّواة عن ابن جُريجٍ بما فيهم رواة الوجه الثاني عنه؛ لا يذكرون ما ذكره حجَّاج بن محمد، كما لم أقف عليه في غير مستخرج أبي عوانة ولا من طُرقٍ أخرى، ويمكنُ أن يكون عبد الوهاب بن عطاء الخَفَّاف متابعا لحجاج في هذا الجزء من الحديث أيضًا، لأنَّ الحافظ أبا عوانة ساق إسناد حديث عبد الوهاب، وأحال متنه على حديث حجَّاج وقال: بمثله (انظر ح /٣٧٦١)، ولكن عبد الوهاب الخفَّاف مُدلِّس، ولم أقفْ على تصريحه بالتحديث عن ابن جُريج.
كما أنَّ في لفظ أبي عوانة أمْرانِ آخران:
هما: زيادة ومخالفةٌ لِمَا رواه الشَّيْخان:
١ - أما الزِّيادة، فهي ذكرُه قِصَّة حجِّ ابن عبَّاس ومعاوية ، وسؤال معاوية ، ابن عبَّاسٍ عن التمتُّع، وأنَّ ابن عباس قال بمشروعية التمتع، وأنَّه من فعل النَّبِيّ ، بينما رأى معاوية خصوصِيَّة التمتُّع، وهذه زيادةٌ صحيحة.
٢ - أما المخالفة فهي أنَّ في لفظ المصنِّف: "وقَصَّرْتُ عندَه بِمشْقَصِ أعرابيٍّ" والذي يظهر في -والله أعلم- حصولُ خطأٍ من الناسِخِ، وأنَّ الصَّحيح: "وقصِّرْتُ عنه بِمِشْقَصِ أَعْرَابِيٍّ"، وذلِكَ لما يَلِي:
أوَّلًا: الرُّواة الآخرون عن ابنِ جُريْجٍ رَوَوْا الحديث بلفظ: "قَصَّرتُ عن رسول الله . ."، وهم: عبد الرزاق بن همَّام (الطَّبراني في الكبير ١٩/ ٣٠٩)، وعُثمان بن الهيَثَم (الطبراني في الكبير أيضًا ١٩/ ٣٠٩)، وكذا سائر من روى عن ابن جُريجٍ عن الحسَن بن مسلم عن طاوس به. =
⦗٣٤٦⦘ = ثانيًا: متابعةُ سفيانَ الثوري في روايته لابن جريج عن جعفر بن محمد، فروى الحديثَ بلفظ: "قصَّرت عن رأس رسول الله عند المروة"، أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند (٤/ ٩٧)، عن عمرو بن محمد النَّاقِد، وأبي بكر بن أبي شيبة، وأخرجه ابن أبي عاصم (١/ ٣٨٣) عن أبي بكر بن أبي شيبه وحدَه، كلاهُما عن أبي أحمد الزُّبيري، عن سفيان الثوري به، إلا أنَّ لفظَ أبي بكر بن أبي شيبة: "رأيتُ النَّبِيّ يُقَصَّر بِمِشْقَصٍ"، وكِلا اللَّفظين يدلَّان على تقصير النَّبِيّ شعرَه بمشقصٍ.
ثالثًا: اختيار البُخاري ومسلم -رحمهما الله- للرِّواية التي تدلُّ على أنّ معاوية قَصَّر عن النَّبِيّ بِمِشْقَصٍ.
رابعًا: يَصْعُبُ أنْ يُقَالَ بِخَطَأِ حجَّاج عن ابن جريج، فإنَّ حجَّاجًا وُصِف بِأنَّه من أَثْبَتِ النَّاس في ابن جريج.
خامسا: بعد البحث والتَّنقيب، لم أقِفْ على رواية تقول: "قصَّرْتُ عنْدَ النَّبِيّ بِمِشْقَصٍ".
سادسا: يمكن أن يُقال: إنَّ هذا لا يعتبرُ مخالَفة، فيصْلُح أن يكون قصَّر شعره بمشْقَصٍ أيضًا، فذكر حجَّاج ذلك، ولم يذكر تقصيرَه لشَعْرِ النَّبِيّ ، كما يحتملُ -وهو احتمال ضعيف- أن ما رواه حجاجٌ حديث مستقل، تفرَّد به عن ابن جريج، فروى تقصيرَ معاويةَ شعرَه عند النَّبِيّ في حجَّة الوداع، وأما تقصيرُه شَعرَ النَّبِيّ -كما في الصحيحين، فيكون في غيرِ حجَّة الوداع، وعلى هذا يصحُّ ما اعترض به ابن عبَّاس على مُعَاوِية ، وحجَّاج بن محمد المِصِّيصِي ممَّن يُحتملُ تفرُّده عن ابن جريج، لأنَّه أثبتُ النَّاس فيه، وربَّما لأجل هذا جاء المصنِّف بهذه الرِّواية وقدَّمها على غيرها. =
⦗٣٤٧⦘ = وإنَّما أُفَصِّلُ في الكلام على الحديثِ لدخوله تحت باب مختلف الحديث من أبواب علوم الحديث، كما أنَّ بعضَ أهْلِ العِلْمِ استدلَّ بالحديثِ على أنَّ النَّبِيّ كان مُتَمَتِّعا، وأنَّ مُعاوية قصَّر عن شَعْرِه، وأنَّ ابن عبَّاسٍ أَنْكر عليه نهيه عن المُتْعة، لأنَّ فِعْله -تقصيره عن شعره حُجةٌ عليه.
قال الحافظ ابن حجر في شرحه للحديث: "وهذا يدُلُّ على أن ابن عبَّاسٍ حمل على ذلك على وقوعه في حجَّة الوداع، لقوله لمعاوية: "إن هذه حُجَّةٌ عليك" إذ لو كان في العمرة لما كان فيه على معاوية حُجَّة".
قلتُ: وإذا أُخذ الحديث على ظاهره، وكما استدلَّ به ابنُ عبَّاس فإنه يخالفُ الأحاديثَ المُسْتَفِيْضَة الصَّحيحة الثَّابتة الكثيرة، والتي تدلُّ على أن النَّبِيّ كان قارنًا، وأنَّه لم يَحْلِل إلَّا يومَ النَّحر، ولهذا جَمَعَ الأَئِمَّةُ بين هَذَا الحديث والأحاديثِ الصَّحيحة الأخرى الدالَّة على القِرَان، سالِكين في الجَمْعِ مسالكَ مختلفة:
قال الإمام النَّووي: "وهذا الحديث محمول على أنَّه قَصَّر عن النَّبِيِّ في عُمرة الجِعِرَّانة لأنَّ النَبِيَّ في حجَّة الوداع كان قارنًا كما سبق إيضاحُه، وثبت أنَّه حلق بمنى، وفرَّق أبو طلحة شعره بين الناس، فلا يجوز حَمْل تقصير مُعاوية على حجَّة الوداع، ولا يصِحُّ حمله أيضًا على عمرة القضاء الواقعة سنة سبع من الهجرة، لأنَّ معاوية لم يكن يومئذ مسلما، إنَّما أسلم يوم الفتح سنة ثمان، هذا هو الصحيح المشهور، ولا يصِحُّ قول من حمله على حجَّة الوداع وزعم أنَّه كان مُتَمَتِّعًا، لأنَّ هذا غلطٌ فاحشٌ، فقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة السَّابقة في مسلم وغيره: "أَنَّ النبي قيل له: ما شأنُ الناس حَلُّوا ولم تَحِلَّ أَنْتَ؟ فقال: "إنِّي لبَّدْتُّ رأسِي وقلَّدْتُّ هديِي فلا أحِلُّ حتَّى أنحرَ الهديَ"، وفي رواية: "حتَّى أُحِلَّ من الحَجِّ" والله أعلم". =
⦗٣٤٨⦘ = قال الحافظ ابن حجر معَقِّبًا على النَّووي، وجامعًا لأقوال أهل العلم في حديث ابن عبَّاس عن معاوية : "قُلْتُ: ولم يذكر الشَّيخُ هُنا ما مرَّ في عمرة القَضِيَّة، والذىِ رجَّحه من كون مُعَاوية إِنَّما أَسلم يوم الفتح صحيحٌ من حيثُ السَّند، لكن يمكنُ الجمعُ بأنَّه كان أسلم خُفْيَةً وكان يكتُم إسلامَه، ولم يتمكَّن من إظهاره إلَّا يوم الفَتْح، وقد أخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق من ترجمة معاوية "تصريحَ معاويةَ بأنَّه أسْلَم بيْن الحُدَيْبِيَّة والقَضِيَّةِ وأنَّه كان يُخْفي إسلامَه خَوْفًا من أبويه"، وكانَ النَّبِيّ لَمَّا دخلَ في عمرة القَضِيَّةِ مكَّة خرج أكثرُ أهلِها عَنْهَا حتَّى لا ينظُرونه وأصحابُه يطُوفُون بالبَيْتِ، فلعلَّ معاويةَ كان ممن تخلَّف بِمكة لسببٍ اقتضاه ولا يُعارِضُه أيضًا قولُ سعد بن أبي وقاص فيما أخرجه مسلم وغيره: "فعلناها يعني العمرة في أشهر الحج وهذا يومئذ كافر بالعُرُش" بِضمَّتين يعني: بيوتَ مكَّة يشيرُ إلَى مُعاويةَ لأنَّه يُحْمَلُ على أنه أخْبَرَ بما استَصْحَبَه من حَالِه ولم يطَّلِعْ على إسلامه لكونه كان يُخفيه، ويُعكِّر على ما جوَّزُوه أن تقصيره كان في عمرة الجِعِرَّانَة أنَّ النَّبِي رَكِبَ من الجِعِرَّانَة بعد أن أحرم بعمرةٍ ولم يَسْتَصْحِبْ أحدًا معه إلَّا بعضَ أصحابِه المُهاجرين فقدِم مكة فطافَ وسعى وحَلَقَ ورجع إلى الجِعِرَّانَة فأصبح بها كبائت، فَخَفِيَتْ عمرتُه على كثيرٍ من النَّاس، كذا أخرجه الترمذي وغيره ولم يَعُدْ معاويةُ فيمنْ صحبَه حينئذٍ ولا كانَ مُعَاوية فيمن تخلَّف عنه بمكة في غزوَة حُنَين حتَّى يُقال: لعلَّه وجَده بمكَّة، بل كانَ مع القوم وأعطاه مِثْلَ ما أعطى أبَاهُ من الغَنِيمة مع جُمْلَة المؤلَّفَة، وأخرجَ الحَاكِم في الإكليل في آخر قصة غزوة حُنَين: "أن الذي حلق رأسه في عمرته التي اعتمرها من الجعرانة أبو هند عبد بني بياضة" فإن ثبت هذا وثبت أنَّ معاويةَ كان حينئذٍ معه أو كان بمكَّة فقصَّر عنه بالمَرْوة أمكن الجمعُ بأن يَّكون معاويةُ قصرَ عنه أوَّلًا، وكان الحلَّاقُ غائبًا في بعض حاجتِه، ثُمَّ حضر فأمره أن يُكمِل =
⦗٣٤٩⦘ = إزالة الشَّعر بالحَلْقِ لأنَّه أفضل ففعل، وإن ثبت أن ذلك كان في عمرة القَضِيَّة وثبت أنَّه حلق فيها جاء هذا الاحتمال بعينه، وحصل التَّوفيق بين الأخبار كلِّها، وهذا مما فتح الله على به في هذا الفتح ولله الحمد ثم لله الحمد أبدا.
قال صاحبُ الهدي: "الأحاديثُ الصَّحيحة المستفيضة تدل على أنه لم يحِلَّ من إحرامه إلى يوم النَّحر كما أخبر عن نفسه بقوله: "فلا أحِلُّ حتَى أنحرَ" وهو خبر لا يدخله الوهم، بخلاف خبر غيره، ثم قال: ولعل معاويةَ قصَّر عنه في عُمرة الجِعِرَّانة فَنَسِي بعد ذلك وظنَّ أنَّه كان في حجَّته، انتهى.
ولا يعكِّر على هذا إلا روايةُ قيس بن سعد المتقدمة، لتصريحه فيها بكون ذلك في أيَّام العَشْر إلَّا أنَّها شَاذَّة، وقد قال قيس بن سعد عقبها: والنَّاس ينكرون ذلك، انتهى.
وأظن قيسًا رواها بالمعنى ثم حدَّث بها فوقع له ذلك، وقال بعضهم: "يحتمل أن يكون في قول معاوية: "قصَّرتُ عن رسول الله بمشقصٍ" حذفٌ تقديرُه: قصَّرتُ أنا شعري عن أمر رسول الله ، انتهى.
ويُعَكِّرُ عليه قولُه في رواية أحمد: "قصَّرتُ عن رسول الله عند المروة"، أخرجه من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن ابن عباس.
وقال ابن حزم: "يحتملُ أن يكون معاويةُ قصَّر عن رأس رسول الله بقيَّة شعر لم يكن الحلَّاق استوفاه يوم النَّحر" وتعقَّبه صاحب الهدي بأنَّ الحَالِقَ لا يُبْقِي شعرًا يُقَصَّرُ منه، ولا سِيَّما وقد قسم شعرَه بين الصحابة الشَّعرةَ والشَّعرتين، وأيضا فهو لم يسعَ بين الصَّفا والمروة إلَّا سعيًا واحدًا في أوَّل ما قَدِم، فماذا يصنعُ عند المَرْوَة في العَشْر.
قلتُ -كلام الحافظ مستمرّ-: وفي روايةِ العَشْرِ نظرٌ كما تقدَّم وقد أشار =
⦗٣٥٠⦘ = النَّووي إِلَى ترجيح كونه في الجِعِرَّانَة وصوَّبه المُحِبُّ الطَّبَري وابن القيم وفيه نظرٌ، لأنَّه جاء أنَّه حَلَقَ في الجِعِرَّانَة، واستبعادُ بعضِهم أنَّ معاوية قَصَّر عنه في عُمرة الحُدَيْبِيَّة لكونِه لم يكنْ أسلَم ليس بِبَعِيْد". انتهى كلام ابن حجر .
انظر: شرح النووي على مسلم (٨/ ٤٥٥ - ٤٥٦)، فتح الباري لابن حجر (٣/ ٦٦٠ - ٦٦٢)، تاريخ دمشق لابن عساكر (٥٩/ ٦٧).
من فوائد الاستخراج:
• رواية المصنِّف الحديثَ من طريق ابن جريج عن جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين، وراويه عن ابن جريج هو حجَّاج بن محمد، وقد وصف بأنَّه من أثبت الناس عنه.
• الزيادة في اللَّفظ: المُحَاوَرَةُ التي دَارَتْ بين ابن عبَّاس ومعاوية .