للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الروايات وقصة ذلك، ثم عقب على ذلك فقال: «وهذا من المشهورات» أن هذه الآية نزلت في ذلك. وسواء كانت نزلت في ذلك أو لا فحكمها عام. ولهذا قال ابن عباس ومحمد بن الحنفية: هي للبر والفاجر، أي: هي أمر لكل أحد. وقال أكثر من مفسر، منهم زيد بن أسلم: إن هذه الآية إنما نزلت في الأمراء يعني الحكام بين الناس.

[فوائد]

١ - روى الإمام أحمد وأهل السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك» وفي الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة السلام: «لتؤدن الحقوق إلى أهلها، حتى يقتص للشاة الجماء من القرناء». وروى ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال: «إن الشهادة تكفر كل ذنب إلا الأمانة، يؤتى بالرجل يوم القيامة، وإن كان قد قتل في سبيل الله فيقال: أد أمانتك، فيقول: فأنى أؤديها وقد ذهبت الدنيا؟! فتمثل له الأمانة في قعر جهنم فيهوي إليها فيحملها على عاتقة، قال فتنزل عن عاتقه فيهوي على إثرها أبد الآبدين، قال زاذان: فأتيت البراء فحدثته فقال:

صدق أخي إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ...

قال أبي بن كعب: من الأمانات أن المرأة ائتمنت على فرجها.

٢ - قال محمد بن كعب، وزيد بن أسلم، وشهر بن حوشب «إن هذه الآية:

أي وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ. إنما نزلت في الأمراء يعني الحكام بين الناس» قال ابن كثير وفي الحديث: «إن الله مع الحاكم ما لم يجر فإذا جار وكله إلى نفسه». وفي الأثر «عدل يوم كعبادة أربعين سنة».

٣ - روى أبو داود وابن حبان في صحيحه وغيرهما عن أبي يونس مولى أبي هريرة قال: سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها .. إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً ويضع إبهامه على أذنه، والتي تليها على عينه ويقول: وهكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها، ويضع إصبعيه .. ».

٤ - رأينا أن كلمة (الأمانات) في الآية عامة وفي ذلك يقول الألوسي:

«وأيا ما فالخطاب يعم كل أحد- كما أن الأمانات، وهي جمع أمانة مصدر سمي به المفعول- تعم الحقوق المتعلقة بذممهم من حقوق الله تعالى، وحقوق العباد، سواء كانت فعلية، أو قولية، أو اعتقاديه. وعموم الحكم لا ينافي خصوص السبب. وقد روي ما يدل على العموم عن ابن عباس، وأبي، وابن مسعود، والبراء بن عازب، وأبي

<<  <  ج: ص:  >  >>