للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخالفة ولا مدافعة، ولا منازعة. ثم بين تعالى أن الخير كله في طاعة الله مهما كان في الطاعة من مشقة على النفس، حتى لو كان الأمر فيه قتل الأنفس، وترك الديار، والهجرة منها. ففعل الأمر كائنا ما كان هو الخير، وهو الذي يزيد من ثبات المؤمن على إيمانه، والله عزّ وجل يأجر أصحاب ذلك على ذلك الجنة والهداية في أمر الدنيا والآخرة. ثم بشر الله- عزّ وجل- مطيعي الله ورسوله الذين يعملون بما أمر الله ورسوله، ويتركون ما نهى الله عنه ورسوله، بشر الله- عزّ وجل- من كان كذلك بأنه يسكنه دار كرامته، ويجعله مرافقا للأنبياء ومن بعدهم في الرتبة وهم الصديقون، ثم الشهداء، ثم عموم المؤمنين، وهم الصالحون الذين صلحت سرائرهم وعلانيتهم، وما أحسن هؤلاء من رفقة، ما أحسن معيتهم، وما أحسن صحبتهم، وما أحسن مرافقتهم، وما أحسن عشرتهم. ثم ختم الله- عزّ وجل- هذا المقطع بتبيان أن الفضل فضله إذا وفق إنسانا لطاعته أو أعطاه فذلك من آثار رحمته إذ هو سبحانه الذي أهل هؤلاء لذلك، وما أهلهم وتفضل عليهم إلا لعلمه بهم، فهو العليم بمن يستحق الهداية والتوفيق.

[المعنى الحرفي]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ بطاعة كتابه، وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ بطاعة شخصه في حياته، وطاعة سنته بعد وفاته. وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ. أي: من المسلمين. أما غير المسلم فلا ولاية له على المسلم ولا طاعة. وأولو الأمر هم الأمراء المسلمون. هذا الذي يفهم من سبب النزول. وقال ابن عباس: هم أهل الفقه والدين، ولا تعارض، لأن الأصل أن يكون الأمراء علماء فقهاء. أخرج الدارمي عن تميم الداري أن عمر قال «لا إسلام إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمارة ولا إمارة إلا بطاعة فمن سوده قومه على الفقه كان حياة له ولهم، ومن سوده قوم على غير فقه كان هلاكا له ولهم»، فإن لم يكونوا كذلك فعليهم أن يرجعوا في شئون ولايتهم إلى العلماء، ومن ثم فالعلماء فوقهم، ولكن يبقى لهم حق الطاعة على العلماء فيما سوى ذلك إن كانوا ولاة عدل وعدولا. فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ. أي: فإن اختلفتم أنتم وأولو الأمر في شئ من أمور الدين، أو اختلفتم فيما بينكم فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ. أي:

فارجعوا فيه إلى الكتاب والسنة إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. إذ إن الإيمان مقتضاه الطاعة، ومن مقتضى الطاعة الرجوع إلى الكتاب والسنة في حالة النزاع ذلِكَ خَيْرٌ. أي: الرد إلى الكتاب والسنة خير في العاجل وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا وأحسن في الآجل أي وأحسن عاقبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>