للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا ينكفان إلا بقتال، وتحريض على القتال بالخطب والمحاضرات وبالنشرات والرسائل، والكتب، ليرتفع عن المؤمنين بأس الكافرين وتنكيلهم.

[فوائد]

١ - أخرج ابن أبي حاتم عن أبي إسحاق قال: سألت البراء ابن عازب عن الرجل يلقى المائة من العدو فيقاتل، فيكون ممن قال الله فيه: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة؟

قال: قد قال الله لنبيه: فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ رواه الإمام أحمد بنفس المعنى مع زيادة، وإنما ذكرنا هذه الفائدة ليعلم أن الصحابة فهموا أن هذا الأمر للأمة كلها لا لشخص رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده.

٢ - من أمثلة تحريضه عليه الصلاة والسلام للمؤمنين على القتال، قوله عليه الصلاة والسلام يوم بدر: «قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض» ومن ذلك ما رواه البخاري في التحريض على الجهاد المندوب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من آمن بالله ورسوله، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، وصام رمضان، كان حقا على الله أن يدخله الجنة، هاجر في سبيل الله، أو جلس في أرضه التي ولد فيها» - هذا حيث لا تكون الهجرة واجبة- قالوا: يا رسول الله: أفلا نبشر الناس بذلك فقال: «إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله، فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة. وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة». أقول: هذا في الجهاد المندوب، أما إذا كان الجهاد فرضا فجزاء تاركه النار إلا أن يشاء الله- عزّ وجل- والآن تأتي ثلاث آيات في مقطع القتال هذا، لا علاقة لها في الظاهر بموضوع القتال، ثم تأتي آيات لها علاقة بالقتال، فما الحكمة في مجئ هذه الآيات ضمن هذا السياق؟ كنا ذكرنا أكثر من مرة أن من مظاهر حكمة الله في القرآن، ومن مظاهر الإعجاز، أنك تفهم من النص شيئا، ومن سياقه القريب شيئا، ومن سياقه العام شيئا، وأن هذا كله يكمل بعضه بعضا، وهذا يسبب توالدا في المعاني القرآنية فلا تتناهى، فالآيات الثلاث هنا مرتبطة بمعاني القتال كما سنرى، وهي تعطي معاني مقصودة بذاتها

مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً الشفاعة الحسنة هي: ما كانت في دفع شر، أو جلب نفع مع جوازها شرعا يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها. أي: من ثوابها، والمعنى: أن من يسعى في أمر فيترتب

<<  <  ج: ص:  >  >>