للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ترك التثبت، وقلة البحث عن حال من تقتلونه. والعرض: المال سمي به لسرعة فنائه.

فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ يغنمكموها تغنيكم عن قتل رجل يظهر الإسلام ويتعوذ به من التعرض له لتأخذوا ماله كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ. أي: إنكم أول ما دخلتم في الإسلام سمعت من أفواهكم كلمة الشهادة؛ فحقنت دماءكم وأموالكم من غير انتظار الاطلاع على مواطأة قلوبكم لألسنتكم، فمن الله عليكم بالاستقامة والاشتهار بالإيمان. فافعلوا بمن يدخل في الإسلام كما فعل بكم، واقبلوا منهم ما قبل منكم. ويحتمل إنكم كنتم أيها المسلمون في ابتداء الأمر تخفون إسلامكم بين قومكم، كما يخفي هذا الذي أظهر لكم الإسلام- أثناء القتال- إسلامه بين قومه، فيظهره لكم إذا جئتم، فمن الله عليكم أنتم بأن أصبحتم تجهرون بالإسلام، ولكن لا تنسوا حالكم الأول، وارحموا أمثالكم. ويحتمل أن يكون المعنى: إنكم أيها المسلمون كنتم قبل إسلامكم تقاتلون وتقتلون من أجل الدنيا، فمن الله عليكم بالإسلام، فأصبحتم تقاتلون في سبيل الله، فلا تكفروا نعمة الله. فَتَبَيَّنُوا كرر الأمر بالتبين تأكيدا عليهم. إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً قال سعيد بن جبير:

«وهذا تهديد ووعيد». التهديد بعلم الله بما يخفى وما يظهر هنا يفيد النهي عن التهافت في القتل، والأمر بأن يكونوا محترزين، محتاطين في ذلك.

[فوائد]

١ - في سبب نزول هذه الآية، آثار كثيرة كلها يرفد بعضها، وكلها يفسر بعض وجوهها والعبرة كما نكرر دائما لعموم اللفظ، ومما ورد في سبب نزولها:

أ- روى الإمام أحمد والترمذي، وقال عنه حسن صحيح عن ابن عباس قال: مر رجل من بني سليم- بنفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- يرعى غنما له، فسلم عليهم، فقالوا: لا يسلم علينا إلا ليتعوذ منا، فعمدوا إليه فقتلوه وأتوا بغنمه النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ ... الآية إلى آخرها.

ب- وقد ذكر ابن كثير قصة رجل اسمه ضرار، هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في عماية الليل، وكان قد قال لهم: إنه مسلم، فلم يقبلوا منه، فقتلوه، فقال أبوه:

فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني ألف دينار ودية أخرى، وسيرني فنزل قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا ...

<<  <  ج: ص:  >  >>