للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتقوى. ثم يكمل المقطع شرح جوانب من الحق والعدل في موضوع يتامى النساء، والمستضعفين، واليتامى عامة، فيفتي بما هو حق وعدل، وذلك أن الرجل قد يكون في حجره يتيمة، هو وليها ووارثها، لا يرغب أن يتزوجها، ويكره أن يزوجها رجلا فيشركه في مالها إذا ماتت، أيفوت عليه ما يطمع فيه، فيعرضها. فبين الله- عزّ وجل- حكمه العادل، والحق في مثل هذا، إما أن تتزوجها ولها مهرها كاملا أسوة بأمثالها من النساء، وإما أن تزوجها إن جاءها طالب كفأ ورضيت، وكانوا في الجاهلية لا يورثون الصغار ولا البنات، فأنزل الله حكمه العادل بوجوب التوريث حسب الاستحقاق، ثم أمر الله- عزّ وجل- بإعطاء اليتامى العدل مذكرا بعلمه بمن فعل خيرا؛ تهييجا على فعل الخيرات وامتثال الأوامر.

ومجئ هذه المعاني في سياق الدعوة إلى الحق والعدل لا يحتاج إلى بيان. ثم بين الله- عزّ وجل- قضايا من الحق والعدل في الشئون الزوجية، فأخبر مشرعا لأحوال من أحوال الزوجين، تارة في حال نفور الرجل من المرأة، وتارة في حال اتفاقه معها، وتارة في حال فراقه لها، وفي كل حالة من هذه الحالات علمنا الله الموقف العدل والحق. فالحالة الأولى ما إذا خافت المرأة من زوجها أن ينفر عنها، أو يعرض عنها، فلها أن تسقط عنه حقها، أو بعضه من نفقة أو كسوة، أو مبيت أو غير ذلك من حقوقها عليه، وله أن يقبل ذلك منها، فلا حرج عليها في بذلها ذلك له، ولا عليه في قبوله منها، إذ الصلح خير من الفراق. وإن كانت النفوس عادة شحيحة. ثم ندب الله- عزّ وجل- الأزواج إلى الإحسان والتقوى، واعدا إياهم بالخير الكثير، إن تجشموا مشقة الصبر على ما يكرهون منهن، فإذا فعلوا ذلك وصبروا عليه فالله يعلمه، وسيجزي عليه خير الجزاء. والحالة الثانية حالة الوفاق في حال كون الرجل له أكثر من زوجة. فقد بين الله- عزّ وجل- أن المساواة المطلقة والعدل المطلق بين الزوجات من كل الوجوه غير مستطاع للإنسان، ولذلك لم يكلف الإنسان به، فلا بد من التفاوت في المحبة والشهوة والجماع، ولكنه فرض العدل في المبيت والمطعم والملبس، ونهى عن المبالغة في الميل إلى واحدة؛ حتى تصبح الأخرى كالمعلقة، ووعد جل جلاله أنه في حالة الإصلاح في الأمور، والقسم بالعدل، في الحدود التي يملكها الإنسان، وفي حالة التقوى، فإن الله سيغفر ما كان من تفريط عند عدم وجود العدل المطلق، وأما الحالة الثالثة حالة الفراق، فقد وعد الله كلا من الزوجين أنهما إذا تفرقا فإن الله يغنيه عنها، ويغنيها عنه، بأن يعوضه الله بمن هي أو ما هو خير له منها، ويعوضها عنه بمن أو ما هو خير لها منه، ثم ذكر الله-

<<  <  ج: ص:  >  >>