للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عزّ وجل- بأنه واسع الفضل، عظيم المنة، حكيم في جميع أفعاله وأقداره وشرعه، فليطمئن كل من الزوجين إذا فارق الآخر إلى فضل الله، وليتوكل كل من الزوجين على الله. ثم أخبر الله- عزّ وجل- أنه مالك السموات والأرض، وأنه الحاكم فيهما، وأنه وصانا بما وصى به من قبلنا من تقواه، وعبادته وحده لا شريك له، وأنه في حالة كفرنا- والعياذ بالله- فإنه لا يضره ذلك، وكيف وهو مالك السموات والأرض، وهو الغني عن عباده، وهو المحمود في جميع ما يقدره ويشرعه. وإذن فما دام الله مالك السموات والأرض وهو الغني عن خلقه، المحمود في فعله وشرعه، فمن حقه أن يتقى، وأن يشكر فلا يكفر. ثم ذكر تعالى مرة ثانية بأنه مالك السموات والأرض، وأنه هو القائم على كل نفس بما كسبت، الرقيب الشهيد على كل شئ، وتذكيره بهذا مقدمة لتذكيره بأنه هو القادر على إذهابنا وتبديلنا بغيرنا إن عصيناه، إذ هو القادر على كل شئ، وإذا كان الأمر كذلك، فقد ذكر الله- عزّ وجل- من ليس له همة إلا في الدنيا أن عند الله ثواب الدنيا والآخرة، وإذا سأله السائل من هذه وهذه أعطاه، فلتكن همته سامية إلى نيل المطالب العالية في الدنيا والآخرة، فإن مرجع ذلك كله إلى الذي بيده الضر والنفع، وهو الله الذي لا إله إلا هو، الذي قسم السعادة والشقاوة بين الناس، في الدنيا والآخرة، وعدل بينهم فيما علمه فيهم ممن يستحق هذه، وممن يستحق هذه، فهو السميع البصير.

وما محل هذه المعاني في السياق الخاص في مقطعها الذي هو أمر بالحق والعدل، وتوضيح لما يدخل في مفهوم الحق والعدل؟ الذي يبدو: أن الصلة بين هذه الآيات وبين مقطعها، من حيث إن الله مالك السموات والأرض، هو صاحب الحق في توجيه الإنسان إلى الحق، ويجب أن يتقى، ويجب أن ترتفع همة الإنسان للسير في الحق الذي شرعه لنيل رضوانه وجنته. إلا أننا نحب أن ننبه إلى أن الآيات ينبغي أن تفهم على ضوء سياقها الخاص، وارتباط سورتها بالسياق القرآني العام. وعلى هذا فلنتذكر أن ما ذكره الله في هذا المقطع وفي كل مقطع مرتبط بمجمل السورة في السياق القرآني العام، وسورة النساء محورها الأمر بالعبادة والتقوى. فإذا تذكرنا هذا، وتذكرنا الآيات التي هي محل كلامنا، والتي فيها الوصية بالتقوى وطلب الآخرة. أدركنا صلة هذه الآيات وصلة مقطعها القرآني العام.

والآن يستقر سياق المقطع بنداء المؤمنين أن يكونوا قوامين بالعدل، فلا يعدلوا عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>