للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تطبيقه- متى كان قابلا لأوجه الرأي المتعددة، ومتى كان النظر في حدود الضوابط الصحيحة والمنهج الصحيح، المأخوذ من مقررات الدين- وهذا كذلك معنى أن هذه الرسالة تخاطب العقل .. إن الإسلام دين العقل .. نعم .. بمعنى أنه يخاطب العقل بقضاياه ومقرراته. ويخاطب العقل بمعنى أنه يصحح له منهج النظر ويدعوه إلى تدبر دلائل الهدى وموحيات الإيمان والأنفس والآفاق، ليرفع عن الفطرة ركام الإلف والعادة والبلادة؛ وركام الشهوات المضلة للعقل والفطرة. ويخاطب العقل بمعنى أنه يكل إليه فهم مدلولات النصوص التي تحمل مقرراته، .. فإذا وصل إلى مرحلة إدراك المدلولات وفهم المقررات لم يعد أمامه إلا التسليم بها فهو مؤمن، أو عدم التسليم بها فهو كافر ..

وليس هو حكما في صحتها أو بطلانها .. وليس هو مأذونا في قبولها أو رفضها، كما يقول من يبتغون أن يجعلوا من هذا العقل إلها، يقبل من المقررات الدينية الصحيحة ما يقبل، ويرفض منها ما يرفض، ويختار منها ما يشاء، ويترك منها ما يشاء .. فهذا هو الذي يقول الله عنه: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ؟ ويرتب عليه صفة الكفر، ويرتب عليه كذلك العقاب .. فإذا قرر الله- سبحانه- حقيقة في أمر الكون، أو أمر الإنسان، أو أمر الخلائق الأخرى. أو قرر أمرا في الفرائض، أو في النواهي .. فهذا الذي قرره الله واجب القبول والطاعة ممن يبلغ إليه. متى أدرك المدلول المراد منه ..

إذا قال الله سبحانه اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ..

أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ .. وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ .. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ، وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ .. إلى آخر ما قال- سبحانه- عن طبيعة الكون والكائنات والأحياء والأشياء .. فالحق هو ما قال. وليس للعقل أن يقول- بعد أن يفهم مدلول النصوص والمقررات التي تنشئها- إنني لا أجد هذا في مقرراتي، أو في عملي، أو في تجاربي .. فكل ما يبلغه العقل في هذا معرض للخطإ والصواب. وما قرره الله- سبحانه- لا يحتمل إلا الحق والصواب.

وإذا قال الله سبحانه: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ..

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا

<<  <  ج: ص:  >  >>