للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُظْلَمُونَ .. وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى .....

وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ .... إلى آخر ما قال في شأن منهج الحياة البشرية، فالحق هو ما قال- سبحانه- وليس للعقل أن يقول: ولكنني أرى المصلحة في كذا وكذا مما يخالف عن أمر الله، أو فيما لم يأذن به الله ولم يشرعه للناس .. فما يراه العقل مصلحة يحتمل الخطأ والصواب، وتدفع إليه الشهوات والنزوات .. وما يقرره الله- سبحانه- لا يحتمل إلا الصحة والصلاح.

وما قرره الله سبحانه من العقائد والتصورات، أو من منهج الحياة ونظامها، سواء في موقف العقل إزاءه .. متى صح النص، وكان قطعي الدلالة، ولم يوقت بوقت ..

فليس للعقل أن يقول: آخذ في العقائد والشعائر التعبدية؛ ولكني أرى أن الزمن قد تغير في منهج الحياة ونظامها .. فلو شاء الله أن يوقت مفعول النصوص لوقته. فما دام النص مطلقا فإنه يستوي زمان نزوله وآخر الزمان .. احترازا من الجرأة على الله، ورمي علمه بالنقص والقصور- سبحانه وتعالى- عما يقولون علوا كبيرا .. إنما يكون الاجتهاد في تطبيق النص العام في الحالة الجزئية؛ لا في قبول المبدأ العام أو رفضه، تحت أي مقولة من مقولات العقل في جيل من الأجيال.

وليس في شئ من هذا الذي نقرره انتقاص من قيمة العقل ودوره في الحياة البشرية .. فإن المدى أمامه واسع في تطبيق النصوص على الحالات المتجددة- بعد أن ينضبط هو بمنهج النظر وموازينه المستقاة من دين الله وتعليمه الصحيح- والمدى أمامه أوسع في المعرفة بطبيعة هذا الكون وطاقاته وقواه ومدخراته؛ وطبيعة الكائنات فيه والأحياء، والانتفاع بما سخر الله له من هذا الكون ومن هذه الكائنات فيه والأحياء، وتنمية الحياة وتطويرها وترقيتها- في حدود منهج الله- لا كما تبتغي الشهوات والأهواء التي تضل العقل وتغطي الفطرة بالركام.

ونقف من هذه اللفتة: لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وقفة أخرى: نقف منها أمام التبعة العظيمة الملقاة على الرسل- صلوات الله وسلامه عليهم- ومن بعدهم المؤمنين برسالاتهم- تجاه البشرية كلها .. وهي تبعة ثقيلة بمقدار ما هي عظيمة .. إن مصائر البشرية كلها في الدنيا وفي الآخرة سواء، منوطة بالرسل وبأتباعهم من بعدهم. فعلى أساس تبليغهم هذا الأمر للبشرية، تقوم سعادة هؤلاء البشر أو شقوتهم، ويترتب ثوابهم أو عقابهم .. في الدنيا والآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>