للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخافوا أحدا في مخالفتهم الكافرين ينصرهم الله عليهم، ويؤيّدهم ويشف صدورهم. وفي هذا السياق وفي هذا المقام ذكّر الله- عزّ وجل- هذه الأمة بأكبر نعمة عليها حيث أكمل لها دينها، فلا تحتاج إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير محمد صلّى الله عليه وسلّم الذي جعله الله خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجنّ، فلا حلال إلا ما أحلّه. ولا حرام إلا ما حرّمه.

ولا دين إلا ما شرعه، وكل شئ أخبر به فهو حقّ وصدق لا كذب فيه ولا خلف.

وكما أكمل الله- عزّ وجل- لهم الدين بما أنزله من وحي، فقد أتمّ عليهم النعمة بهذا الإسلام، فلا يحتاجون إلى زيادة أبدا، فإنه قد أتمّه الله فلا ينقصه أبدا، وقد رضيه الله فلا يسخطه أبدا، فليرض المسلمون لأنفسهم ولأمتهم وللبشر ما رضيه الله لهم، فإنّه الدّين الذي أحبّه الله ورضيه، وبعث به أفضل الرّسل الكرام، وأنزل به أشرف كتبه.

وبعد التذكير بهذه النّعمة يعود السّياق إلى موضوع المحرّمات، فيبيّن أن من احتاج إلى تناول شئ من هذه المحرّمات التي ذكرها الله تعالى لضرورة ألجأته إلى ذلك فله تناوله والله غفور رحيم، لأنه تعالى يعلم حاجة عبده المضطر وافتقاره إلى ذلك فيتجاوز عنه، ويغفر له، وبعد أن بيّن تعالى ما حرّم علينا من الخبائث الضارّة للبدن، أو للدين، أو لهما فيما مرّ، فإن السياق يستمر في تبيان بعض ما أحلّ في معرض الجواب على سؤال عما أحلّ للمسلمين. فيذكر الله- عزّ وجل- أنّ ما أحلّه لنا هو الطيبات من الذبائح الحلال الطيبة التي ذكر اسم الله عليها، وكذلك الطيبات من الرزق الحلال، وأحل لنا ما صدناه بالجوارح وهي: الكلاب، والفهود، والصقور، وأشباهها، إذا كانت معلّمة، وأمسكت على صاحبها، وكان مرسلها قد ذكر اسم الله عليها وقت إرسالها، فإن صيدها حلال وإن قتله الجارح بالإجماع. وكما ذكّرنا الله بنعمته علينا بهذا الإسلام، في هذا السياق فإنه كذلك هنا يذكّرنا بنعمته علينا إذ أباح لنا الطيبات. وفي هذا السياق أيضا يقرر ويمنّ علينا بإباحة ذبائح أهل الكتاب لنا، وإباحة ذبائحنا لهم. وذكّرنا كذلك بأنه أحلّ لنا نكاح الحرائر العفيفات من النّساء المؤمنات. وتذكيره لنا بهذا توطئة للتقرير والامتنان علينا بإباحة زواج الكتابيّات لنا إذا أدّينا إليهنّ مهورهنّ، ونكحناهنّ بالطريق المشروع، من عقد وشهود، غير زانين بهنّ، أو متخذين إيّاهنّ عشيقات، ثم ذكر الله قاعدة: أنّ الذي يكفر بالإيمان، فإنه في الآخرة خاسر، حتى لا يتوهّم أنّ الزّواج من الكتابية يدخلها الجنّة مع بقائها على كفرها. وليتذكّر المؤمن رحم الإيمان فيفضّل المؤمنة على غيرها، وختم الآية بكلمة

<<  <  ج: ص:  >  >>