للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كلمة في السياق]

في المقطع الأول رأينا أمرا بالوفاء بالعقود، وأمرا بالطهارة للصلاة، وأمرا بتذكر نعم الله والوفاء بميثاقه، وأمرا بالتوكل، وكل هذا ينتظمه قضية الإيمان والتسليم كمقدمتين رئيسيتين للاهتداء بكتاب الله.

وفي المقطع الثاني ثلاث فقرات: الفقرة الأولى في المواثيق التي أخذت على اليهود والنّصارى، وكيف نقضوها وما عوقبوا به لذلك وفيها دعوة أهل الكتاب للدخول في دين الله. وفيها نماذج من عهود نقضها اليهود، ونماذج من عهود نقضها النصارى.

ثم تأتي الفقرة الثانية: وفيها نموذج على عهد نقضه اليهود وهو نصرة الرسل عليهم الصلاة والسلام، ثمّ تأتي الفقرة الثالثة: وفيها قصة ابني آدم، وما رتب الله عليها من أحكام، وفيها جزاء المحاربين لله ورسوله المفسدين في الأرض، وينتظم هذه الفقرات أنها حديث عن نقض الميثاق، وقطع ما أمر الله به أن يوصل، والإفساد في الأرض، وهي القضايا الرئيسية التي تحول بين الإنسان وبين الاهتداء بكتاب الله، وخلال ذلك ذكرت لبعض هذا الانحراف، وهنا نحب أن نسجل ملاحظة هي: أنك تجد السياق القرآني يحدثك عن المعنى مرة بعد مرة، وفي كل مرة يعطيك جديدا، ويأتيك التفصيل شيئا فشيئا، وبشكل معجز عجيب، فكأن السياق القرآني يربي عند الإنسان المعنى شيئا فشيئا.

والمهم أن نلاحظ أنّه من بداية السياق حتى نهاية هذا المقطع تكررت كلمة الخاسرين، وتكررت كلمة الفسق والفاسقين، وتكررت كلمة نقض الميثاق، وكلمة الإفساد في الأرض، وهي كلمات رئيسية في محور السورة:

وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ لقد ورد قوله تعالى: ذلِكُمْ فِسْقٌ في الآية الخامسة والعشرين وورد قوله تعالى: فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ في الآية السادسة والعشرين. ولقد وردت كلمة الخاسرين في الآية الخامسة وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>