للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - أخرج ابن أبي حاتم عن يزيد الفقير قال: جلست إلى جابر بن عبد الله وهو يحدّث، فحدّث أن ناسا يخرجون من النار قال: وأنا يومئذ أنكر ذلك فغضبت وقلت:

ما أعجب من الناس، ولكن أعجب منكم يا أصحاب محمد؛ تزعمون أنّ الله يخرج ناسا من النار،

والله يقول يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها الآية .. فانتهرني أصحابه وكان أحلمهم فقال: دعوا الرجل، إنّما ذلك للكفار فقرأ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ حتى بلغ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ. أما تقرأ القرآن؟ قلت بلى قد جمعته قال: أليس الله يقول: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (الإسراء: ٧٩) فهو في ذلك المقام، فإنّ الله تعالى يحتبس أقواما بخطاياهم في النار ما شاء لا يكلمهم، فإذا أراد أن يخرجهم أخرجهم، قال: فلم أعد بعد ذلك إلى أن أكذّب به.

وأخرج ابن مردويه عن طلق بن حبيب قال: كنت من أشد الناس تكذيبا بالشفاعة حتى لقيت جابر بن عبد الله فقرأت عليه كلّ آية أقدر عليها، يذكر الله فيها خلود أهل النار، فقال: يا طلق أتراك أقرأ لكتاب الله، وأعلم بسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منّي؟ إنّ الذين قرأت هم أهلها هم المشركون، ولكن هؤلاء قوم أصابوا ذنوبا فعذّبوا، ثم أخرجوا منها، ثم أهوى بيديه إلى أذنيه فقال: صمّتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «يخرجون من النار بعد ما دخلوا». ونحن نقرأ كما قرأت.

وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما والمراد اليمينات من الرسغين جَزاءً بِما كَسَبا. أي: مجازاة لهما على صنيعهما نَكالًا مِنَ اللَّهِ. أي: عقوبة منه وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. أي: غالب لا يعارض في حكمه، حكيم فيما حكم، من قطع يد السارق والسارقة

فَمَنْ تابَ. أي: من السرقة مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ.

أي: من بعد سرقته وَأَصْلَحَ بردّ المسروق فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ. أي:

يقبل توبته إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. أي: يغفر ذنبه ويرحمه

أَلَمْ تَعْلَمْ يا محمد أو يا أيها الإنسان أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وقد شاء أن يعذّب من مات على الكفر وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وقد وعد أن يغفر لمن تاب عن الكفر وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من التعذيب والمغفرة وغيرهما قَدِيرٌ. أي: قادر وحكمة تقديم التعذيب على المغفرة هنا تقدّم السرقة على التوبة والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>