للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الأحكام. المتفقة في التوحيد، وأنه جعل لكل أمة سبيلا وسنّة، في التوراة شريعة، وفي الإنجيل شريعة، وفي الفرقان شريعة، يحلّ الله فيها ما يشاء، ويحرّم ما يشاء، ليعلم من يطيعه ومن يعصيه، والدّين الذي لا يقبل الله غيره، التوحيد والإخلاص لله الذي جاءت به جميع الرّسل عليهم الصلاة والسلام، ثم بيّن تعالى أنه لو شاء لجمع الناس كلهم على دين واحد، وشريعة واحدة، لا ينسخ شئ منها، ولكنه تعالى شرع لكل رسول شريعة على حدة، ثم نسخها- أو بعضها- برسالة الآخر بعده، حتى نسخ

الجميع بما بعث به عبده ورسوله محمدا صلّى الله عليه وسلّم الذي ابتعثه الله تعالى إلى أهل الأرض قاطبة، وجعله خاتم الأنبياء كلهم، وحكمة الشرائع المختلفة اختبار الله عباده فيما شرع وما نسخ، ثمّ ندبهم تعالى إلى المسارعة إلى الخيرات، والمبادرة إليها، والخيرات هنا طاعة الله، واتّباع شرعه الذي جعله ناسخا لما قبله، والتصديق بكتابه القرآن الذي هو آخر كتاب أنزله، ثمّ بين تعالى أنّ مرجع الجميع ومعادهم ومصيرهم إليه يوم القيامة؛ فيخبر الجميع بما اختلفوا فيه من الحق، فيجزي الصادقين بصدقهم، ويعذب الكافرين الجاحدين المكذّبين بالحقّ، العادلين عنه إلى غيره بلا دليل ولا برهان، بل هم معاندون للبراهين القاطعة، والحجج البالغة، والأدلة الدامغة. ثمّ كرّر الله- عزّ وجل- الأمر لرسوله صلّى الله عليه وسلّم بالحكم بما أنزل، وعدم اتباع أهواء البشر، وأمره بالحذر من أن يفتن عما أنزله إليه أو أن يتولى عن الحكم بما أنزل الله، فذلك علامة الصرف عن الهدى بسبب الذنب، ثم يقرر الله- عزّ وجل- أن أكثر الناس فاسقون خارجون عن طاعة ربهم، مخالفون للحق، ناكبون عنه، ثم أنكر تعالى على من يخرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير، النّاهي عن كل شر، ويعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء أيريدون حكم الجاهلية، وعن حكم الله يعدلون؟ ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه، وآمن به وأيقن، وعلم أن الله أحكم الحاكمين، وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها؟! فإنّه تعالى هو العالم بكل شئ، القادر على كل شئ، العادل في كل شئ.

[المعنى الحرفي]

يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ أي: لا تهتم ولا تبال بمسارعة المنافقين في الكفر أي: في إظهارهم ما يلوح منهم من آثار الكيد للإسلام، ومن موالاة المشركين؛ فإني ناصرك عليهم، وكافيك شرّهم. ومسارعتهم في الكفر تعني

<<  <  ج: ص:  >  >>