للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحكم، عن خشية غير الله- في حكومته، وإمضائها على خلاف ما أمر به من العدل؛ خشية من سلطان ظالم، أو خيفة أذية أحد، وأمر بخشية الله وحده أن يخالف أمره وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا. أي: ولا تستبدلوا بآيات الله وأحكامه ثمنا قليلا وهو الرّشوة وابتغاء الجاه ورضا النّاس وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مستهينا به، أو جاحدا له، أو مفضّلا غيره عليه، أو مستحلا ذلك فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ وما أكثر هذا الكفر في عصرنا؟

وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها. أي: وفرضنا على اليهود في التوراة أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ أنّ النّفس مأخوذة بالنّفس مقتولة بها إذا قتلتها بغير حق وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ. أي: والعين مفقوءة بالعين وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ. أي:

والأنف مجدوع بالأنف وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ. أي: والأذن مصلومة بالأذن وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ. أي: والسن مقلوعة بالسن وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ. أي:

والجروح ذات قصاص وهو المقاصّة ومعناه ما يمكن فيه القصاص فحكمه القصاص، وإلّا فحكومة عدل فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ. أي: فمن تصدّق بالقصاص من أصحاب الحق وعفا عنه فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ. أي: فالتصدّق به كفّارة للمتصدق بإحسانه وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ إذ لا عدل إلّا بحكم الله، فمن امتنع عن الحكم بما أنزل الله فقد ظلم

وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ. أي: وجعلنا على آثار النّبيين الذين أسلموا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ. أي:

مؤمنا بها، حاكما بما فيها، بانيا عليها وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ. أي: الإنجيل فيه هداية وفيه نور، وهو مصدّق للتوراة غير ناقض إياها بل مصدّق لها وَهُدىً وَمَوْعِظَةً. أي: هاديا وواعظا لِلْمُتَّقِينَ لأنهم هم الذين ينتفعون بموعظة الإنجيل وهديه

وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ.

أي: وأمرنا أهل الإنجيل أن يحكموا بما أنزل الله فيه وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ. أي: هم الخارجون عن الطاعة.

يقول صاحب الظلال: «إله واحد. وخالق واحد. ومالك واحد. وإذن فحاكم واحد. ومشرّع واحد. ومتصرف واحد ... وإذن فشريعة واحدة، وقانون واحد ..

وإذن فطاعة واتباع وحكم بما أنزل الله، فهو إيمان وإسلام. أو معصية وخروج، وحكم بغير ما أنزل الله، فهو كفر وظلم وفسوق .. وهذا هو الدين كما أخذ الله ميثاق العباد جميعا عليه، وكما جاء به كل الرسل من عنده .. أمة محمد والأمم قبلها على السواء ..

<<  <  ج: ص:  >  >>