للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربع الدية فربع خطاياه، وإن كان الثلث فثلث خطاياه، وإن كانت الدية حطت عنه خطاياه كذلك». روى ابن مردويه أيضا عن عدي بن ثابت أن رجلا هتم فمه رجل على عهد معاوية رضي الله عنه، فأعطي دية فأبى إلا أن يقتص، فأعطي ديتين، فأبى، فأعطى ثلاثا فأبى، فحدّث رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من تصدّق بدم فما دونه فهو كفارة له من يوم ولد إلى يوم يموت». وقال الإمام أحمد أنّ عبادة بن الصامت قال: «سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ما من رجل يجرح من جسده جراحة فيتصدق بها إلا كفّر الله عنه مثل ما تصدّق به». وقال الإمام أحمد أيضا عن رجل من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من أصيب بشيء من جسده فتركه لله كان كفّارة له».

٤ - نلاحظ في موضوع القصاص وغيره أن هناك شيئا أجمع عليه الأئمة، وهناك شئ اختلفوا فيه. فما لا يسع أحدا- شعوبا أو حاكمين- تركه هو ما أجمعوا عليه. وأمّا ما اختلفوا فيه فللفرد الأخذ برأي إمام مجتهد. وللدولة الأخذ برأي إمام على ألّا يكون الأخذ أثرا عن هوى بل أثرا عن تحقيق.

٥ - قوله تعالى: وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ .. إخبار عن حكم الله الموجود في التوراة في موضوع القصاص. وهذا الحكم نجده الآن في ما يسمّونه التوراة، في سفر الخروج، في الإصحاح الحادي والعشرين. «وإن حصلت أذية تعطى نفس بنفس، وعينا بعين، وسنا بسن، ويدا بيد، ورجلا برجل، وكيا بكي، وجرحا بجرح، ورضّا برضّ ... ». والملزم لنا ما ورد في كتابنا.

قال ابن كثير: وقد حكى الإمام أبو نصر الصبّاغ- رحمه الله- في كتابه الشامل إجماع العلماء على الاحتجاج بهذه الآية على ما دلّت عليه. وقد احتج الأئمة كلّهم على أن الرّجل يقتل بالمرأة بعموم هذه الآية الكريمة، وكذا ورد في الحديث الذي رواه النّسائي وغيره أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كتب في كتاب عمرو بن حزم «أن الرجل يقتل بالمرأة». وفي الحديث الآخر «المسلمون تتكافأ دماؤهم». وهذا قول جمهور العلماء، وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: أن الرجل إذا قتل المرأة لا يقتل بها، إلا أن يدفع وليّها إلى أوليائه نصف الدية، لأن ديتها على النصف من دية الرّجل، وإليه ذهب أحمد في رواية وروي عن الحسن وعطاء وعثمان البستي، ورواية عن أحمد: أنّ الرجل إذا قتل المرأة لا يقتل بها بل يجب ديتها، وهكذا احتجّ أبو حنيفة رحمه الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>