للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى كتاب الله، ولا أتصور أن أحدا من علماء المسلمين الأثبات يخالفه فيما ذهب إليه.

فالإسلام جدّ وليس هزلا، والإسلام لا يقبل دخلا ولا دغلا، وصراط الله دقيق وميزان الله- عزّ وجل- عادل ومن استفتانا في أحد نقض الشهادتين أفتيناه بالكفر، ومن استفتانا في نظام يرفض الالتزام بالإسلام ويلتزم في دساتيره وقوانينه بغيره أفتيناه بكفره بلا تردد.

بل نقول: إنّ أي حزب يرفض الإسلام، أو يريد أن يخلطه بغيره، أو يتبنى في مجموع آرائه ونظرياته ما هو كفر، فهو كافر، وأن أي حكومة تتبنى في مجموع دساتيرها وقوانينها ما يعتبر ناقضا للشهادتين فإننا نعتبرها كافرة، ومن يؤيدها، ويناصرها، فيما هي فيه فهو كذلك كافر فالأنظمة التي تشبه التتار في اعتمادها الياسق أو الياسا حكمها حكمهم.

غير أن الحكم على نظام بالكفر لا يعني الحكم على كل فرد من أفراده بالكفر، بل قد نحكم على النظام كله بالكفر ونحكم لرئيسه نفسه بالإسلام، ومن ثمّ نقول: إن الحكم على كل فرد بعينه إنما يخضع للفتوى المعتبرة البصيرة من أهلها على ضوء النصوص، وهذه أمور تحتاج إلى تفصيل: لقد خدم يوسف عليه السلام في نظام كافر له شريعة تختلف عن شريعة يوسف بدليل قوله تعالى: ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ وبدليل قوله تعالى: وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ والشك كفر، وإذن فنحن نحكم على النظام الذي خدم فيه يوسف بالكفر، بينما يوسف عليه السلام رسول من الرّسل.

وهذا النجاشي حكم له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالإسلام وصلّى عليه عند ما مات صلاة الغائب، وكان على رأس نظام كافر؛ لأنه لم يكن يحكم بشريعة القرآن،

ومع ذلك فنحن نحكم عليه بأنّه مسلم. لقد عطّلت الدولة العثمانية نظام الحدود منذ منتصف القرن التاسع عشر بسبب الظروف الضاغطة فيما زعموا، واستبدلت بها غيرها، ومنذ تلك اللحظة أصبح النظام كافرا، ولكن هل نحكم على السلطان عبد الحميد نفسه بالكفر وهو الذي لا يشك في حرصه على الإسلام، وفي رغبته في إقامته، ولكنّه كان أعجز من أن يستطيع أن يفعل شيئا في زعمه وفي تقدير الكثيرين.

هل نحكم بالكفر على رجل قبل وزارة ليخدم الإسلام في ظلّ نظام كافر؟ الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>