للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكمّل بعضهم بعضا، وأن يتكامل بعضهم ببعض، وضمّهم جميعا ولاء لبعضهم بالحق، وانطلقوا من خلال الشورى، لأرضوا ربهم، ثم لقهروا عدوّهم، إنني لا أستطيع أن أفهم كيف يحجب المسلم ولاءه عن أخيه المسلم والله عزّ وجل- يقول:

وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ (التوبة: ٧١) ألا ما أكثر ما يتلاعب الشيطان ببعض العقول.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ يعني اتخاذهم دينكم هزوا ولعبا لا يصح أن يقابل باتخاذكم إياهم أولياء، بل يقابل ذلك بالبغضاء والمنابذة، وإذا كان أول المقطع نهى عن موالاة اليهود والنصارى، فقد ضم إلى أولئك هنا الكافرون عامّة، من ملحدين، ومشركين، ومجوس، وهندوس، وبوذيين، أو غير ذلك، وقد دلّت الآية أنّ الكافرين عامة ينظرون إلى دين الله بسخرية، ويعتبرون شعائره وشرائعه لعبا وَاتَّقُوا اللَّهَ أن توالوا الكفار، وفي إقامة شرعه كله إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ حقّ الإيمان، لأنّ الإيمان الحق يأبى موالاة أعداء الله، ويتطلب خوفا من الله وحده وتطبيقا لشرعه،

وبعد أن بيّن أنّ الكافرين عامّة يتخذون ديننا هزوا ولعبا، بيّن أنّ موقفهم هذا يسري على أرقى العبادات، وهي الصّلاة فقال: وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ لأن استهزاءهم بالصلاة، واعتبارهم إياها لعبا غاية الحماقة والجهل، إذ أي جهل وحماقة أكبر من مثل هذه النّظرة إلى الصلاة وهي عبادة لله، فهل العاقل من يعبد الله أو من يستكبر عن عبادته؟

قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ أي: هل تعيبون منا وتنكرون إلا الإيمان بالله، وبكل كتاب أنزله الله، من القرآن إلى ما قبله وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ أي: وهل تعيبون منا وتنكرون إلا بأن أكثركم فاسقون والمعنى: أعاديتمونا لأنّا اعتقدنا توحيد الله، وصدق أنبيائه، واعتقدنا فسقكم لمخالفتكم الحق؟ أي هل لكم علينا مطعن أو عيب إلا هذا؟

وهذا ليس بعيب ولا مذمّة

قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً. أي: ثوابا، والمثوبة وإن كانت مختصة بالإحسان ولكنّها وضعت موضع العقوبة هنا، مثل قوله تعالى: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ*. عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ أي: من لعنه الله واتصف بالصفات اللاحقة، شرّ عقوبة في الحقيقة من أهل الإسلام في زعمكم وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ. أي: اليهود الذين مسخوا بسبب

<<  <  ج: ص:  >  >>