للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاد من خلال التذكير بحقيقة الحياة الدنيا، وستأتي المجموعة الخامسة لتكمّل الردّ، وقبل أن نعرض المجموعة الخامسة نحب أن ننقل هنا ما قاله صاحب الظلال في هذا المقام مذكّرا بأبعاد التصور الإسلامي لقضية الحياة: يقول صاحب الظلال:

«فالحياة- في التصور الإسلامي- ليست هي هذه الفترة القصيرة التي تمثل عمر الفرد؛ وليست هي هذه الفترة المحدودة التي تمثل عمر الأمة من الناس؛ كما أنها ليست هي هذه الفترة المشهودة التي تمثل عمر البشرية في هذه الحياة الدنيا.

إن الحياة- في التصور الإسلامي- تمتد طولا في الزمان، وتمتد عرضا في الآفاق، وتمتد عمقا في العوالم، وتمتد تنوعا في الحقيقة .. عن تلك الفترة التي يراها ويظنها ويتذوقها من يغفلون الحياة الآخرة من حسابهم ولا يؤمنون بها.

إن الحياة- في التصور الإسلامي- تمتد في الزمان، فتشمل هذه الفترة المشهودة- فترة الحياة الدنيا- وفترة الحياة الأخرى؛ والتي تعد فترة الحياة الدنيا بالقياس إليها ساعة من نهار!. وتمتد في المكان، فتضيف إلى هذه الأرض التي يعيش عليها البشر؛ دارا أخرى: جنة عرضها كعرض السماوات والأرض؛ ونارا تسع الكفرة من جميع الأجيال التي عمرت وجه الأرض ..

وتمتد في العوالم، فتشمل هذا الوجود المشهود إلى وجود مغيب لا يعلم حقيقته كلها إلا الله؛ ولا نعلم نحن عنه إلا ما أخبرنا به الله. وجود يبدأ من لحظة الموت، وينتهي في الدار الآخرة. وعالم الموت وعالم الآخرة كلاهما من غيب الله. وكلاهما يمتد فيه الوجود الإنساني في صور لا يعلمها إلا الله.

وتمتد الحياة في حقيقتها؛ فتشمل هذا المستوى المعهود في الحياة الدنيا، إلى تلك المستويات الجديدة في الحياة الأخرى .. في الجنة وفي النار سواء. وهي ألوان من الحياة ذات مذاقات ليست من مذاقات هذه الحياة الدنيا ... ولا تساوي الدنيا- بالقياس إليها- جناح بعوضة!. والشخصية الإنسانية- في التصور الإسلامي- يمتد وجودها في هذه الأبعاد من الزمان وفي هذه الآفاق من المكان، وفي هذه الأعمال والمستويات من العوالم والحيوات ... ويتسع تصورها للوجود كله؛ وتصورها للوجود الإنساني؛

<<  <  ج: ص:  >  >>