للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أننا نسأل هؤلاء الذين هان عليهم دينهم، ولم يقدّروا الله حق قدره .. إذا كنتم تقدمون الإسلام اليوم للناس باسم الاشتراكية، وباسم الديمقراطية، لأن هذين زيّان من أزياء الاتجاهات المعاصرة .. فلقد كانت الرأسمالية في فترة من الفترات هي الزي المحبوب عند الناس وهم يخرجون بها من النظام الإقطاعي! كما كان الحكم المطلق في فترة من الفترات هو الزي المطلوب في فترة التجميع القومي للولايات المتناثرة كما في ألمانيا وإيطاليا أيام بسمرك وما تزيني مثلا! وغدا من يدري ماذا يكون الزي الشائع من الأنظمة الاجتماعية الأرضية، وأنظمة الحكم التي يضعها العبيد للعبيد، فكيف يا ترى ستقولون غدا عن الإسلام؟ لتقدموه للناس في الثوب الذي يحبه الناس؟!

إن التوجيه القرآني في هذه الموجة التي نحن بصددها- وفي غيرها كذلك- يشمل هذا كله .. إنه يريد أن يستعلي صاحب الدعوة بدينه؛ فلا يستجيب لاقتراحات المقترحين، ولا يحاول تزيين هذا الدين بغير اسمه وعنوانه، ولا مخاطبة الناس به بغير منهجه ووسيلته .. إن الله غني عن العالمين. ومن لم يستجب لدينه عبودية له، وانسلاخا من العبودية لسواه، فلا حاجة لهذا الدين به، كما أنه لا حاجة لله- سبحانه- بأحد من الطائعين أو العصاة. ثم إنه إذا كان لهذا الدين أصالته من ناحية مقوماته وخصائصه، التي يريد الله أن تسود البشرية. فإن له كذلك أصالته في منهجه في العمل، وفي أسلوبه في خطاب الفطرة البشرية ... إن الذي نزّل هذا الدين بمقوماته وخصائصه، وبمنهجه الحركي وأسلوبه، هو- سبحانه- الذي خلق الإنسان، ويعلم ما توسوس به نفسه .. ».

***

<<  <  ج: ص:  >  >>