للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتَّخَذُوا دِينَهُمْ الذي كلّفوه ودعوا إليه وهو دين الإسلام لَعِباً وَلَهْواً. أي:

سخروا به واستهزءوا، واللهو: ما يشغل الإنسان من هوى وطرب. فما أشدّ جهل هؤلاء إذ يلعبون بالإسلام، ويلهون به وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فظنّوها الهدف والغاية، وأنّها كل شئ؛ ففتنوا ببهجتها، وزينتها، ونسوا الآخرة، وكفروا بها، أو غفلوا عنها، ومعنى ذرهم أي: اتركهم، وأعرض عنهم، ولا تبال بتكذيبهم واستهزائهم وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ. أي: وعظ بالقرآن؛ مخافة أن تسلم نفس إلى الهلكة، والعذاب، وترتهن بسوء كسبها، وأصل الإبسال المنع وأي عذاب أفظع من منع دخول الجنة! فكيف إذا رافقه دخول النار! لَيْسَ لَها.

أي: لهذه النفس الهالكة مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ ينصرها بالقوة وَلا شَفِيعٌ يدفع عنها بالمسألة، والمعنى وذكّر بالقرآن كيلا تبسل نفس عادمة وليا وشفيعا بكسبها وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها العدل: الفدية لأن الفادي يعدل المفدى بمثله، والمعنى: وإن تفد كل فداء لا يؤخذ منها ولا يقبل أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ الحميم: هو الماء الحارّ، والمعنى: أولئك الهلكى لهم شراب من حميم وعذاب أليم بسبب كفرهم، والمبسلون:

هم الهالكون المتّخذون دين الله لعبا ولهوا.

قُلْ لهؤلاء الكافرين أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ. أي: أنعبد من دون الله الضار النافع ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا. أي: ما لا يقدر على نفعنا لو دعوناه، ولا على ضرنا إن تركناه وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا. أي: أو نرد راجعين إلى الشرك؟ بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ للإسلام وأنقذنا من كل مظهر من مظاهر الشرك! كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ. أي: أننكص مشبهين من استهوته الشياطين في الأرض؛ فأضلته وذهبت به كل مذهب حَيْرانَ. أي:

تائها ضالا عن الجادّة لا يدري كيف يصنع لَهُ. أي: لهذا الحيران أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى. أي: يدعونه إلى أن يهدوه الطريق، سمّى الطريق المستقيم الهدى ائْتِنا. أي: يقولون له: ائتنا، وهو ضارب في التيه لا يجيبهم، ولا يأتيهم، وهذا تشبيه للضال عن طريق الإسلام التابع لخطوات الشيطان، والمسلمون يدعونه إليه فلا يلتفت إليهم، وهذا وجه من وجوه فهم الآية، والوجه الآخر أن أصحابه هم أولياؤه في الشر يدعونه إلى ما يزعمون أنه هدى، وما هو بهدى؛ لأن الهدى هدى الله، فيستجيب لهم ويترك هدى الله فهو واقع بين تأثيرين، تأثير شياطين الإنس، وشياطين الجن، وعلى كل حال قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ وهو الإسلام هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>