للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الجاثية: ٢٨) فيقضي الله- عزّ وجل- بين خلقه إلا الثقلين: الجن والإنس، فيقضي بين الوحوش، والبهائم، حتى إنه ليقضي للجماء من ذات القرن، فإذا فرغ من ذلك فلم تبق تبعة عند واحدة للأخرى، قال الله لها كوني ترابا، فعند ذلك يقول الكافر يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً (النبأ: ٤٠) ثم يقضي الله بين العباد، فكان أول ما يقضي فيه الدماء، ويأتي كل قتيل في سبيل الله، ويأمر الله- عزّ وجل- كل قتيل فيحمل رأسه تشخب أوداجه فيقول: يا رب فيم قتلني هذا؟ فيقول- وهو أعلم-:

فيم قتلتهم؟ فيقول: قتلتهم لتكون العزة لك، فيقول الله له: صدقت. فيجعل الله وجهه مثل نور الشمس، ثم تمر به الملائكة إلى الجنة. ثم يأتي كل من قتل على غير ذلك يحمل رأسه تشخب أوداجه فيقول: يا رب فيم قتلني هذا؟ فيقول- وهو أعلم-: لم قتلتهم؟ فيقول يا رب قتلتهم لتكون العزة لى فيقول: تعست. ثم لا تبقي نفس قتلها إلا قتل بها، ولا مظلمة ظلمها إلا أخذ بها، وكان في مشيئة الله إن شاء عذّبه، وإن شاء رحمه، ثمّ يقضي الله تعالى بين من بقي من خلقه حتى لا تبقى مظلمة لأحد عند أحد إلا أخذها الله للمظلوم من الظالم، حتى إنه ليكلف شائب اللبن بالماء ثم يبيعه إلى أن يخلص اللبن من الماء، فإذا فرغ الله من ذلك، نادى مناد يسمع الخلائق كلهم، ألا ليلحق كل قوم بآلهتهم وما كانوا يعبدون من دون الله، فلا يبقى أحد عبد من دون الله إلا مثّلت له آلهته بين يديه، ويجعل يومئذ ملك من الملائكة على صورة عزير، ويجعل ملك من الملائكة على صورة عيسى ابن مريم، ثم يتبع هذا اليهود، وهذا النصارى، ثم قادتهم آلهتهم إلى النار وهو الذي يقول: لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ (الأنبياء: ٩٩) فإذا لم يبق إلا المؤمنون فيهم المنافقون، جاءهم الله فيما شاء من هيئته، فقال: يا أيها الناس، ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون، فيقولون والله ما لنا إله إلا الله، وما كنا نعبد غيره، فينصرف عنهم، وهو الله الذي يأتيهم فيمكث ما شاء الله أن يمكث، ثم يأتيهم فيقول: يا أيها الناس ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون، فيقولون والله ما لنا إله إلا الله، وما كنا نعبد غيره، فيكشف لهم عن ساقه، ويتجلى لهم من عظمته ما يعرفون أنه ربهم، فيخرّون للأذقان سجدا على وجوههم ويخرّ كل منافق على قفاه، ويجعل الله أصلابهم كصياصي البقر، ثم يأذن الله لهم فيرفعون ويضرب الله الصراط بين ظهراني جهنم كحد الشفرة- أو كحد السيف- عليه كلاليب، وخطاطيف، وحسك كحسك السعدان، دونه جسر دحض مزلّة، فيمرون كطرف العين، أو كلمح البرق، أو كمرّ

<<  <  ج: ص:  >  >>