للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فوائد]

١ - [كلام صاحب الظلال بمناسبة قوله تعالى لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ]

بمناسبة قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ يقول صاحب الظلال:

إن الذين يطلبون في سذاجة أن يروا الله، كالذين يطلبون في سماجة دليلا ماديّا على الله! هؤلاء لا يدركون ماذا يقولون!

إن أبصار البشر وحواسّهم وإدراكهم الذهني كذلك .. كلها إنما خلقت لهم ليزاولوا بها التعامل مع هذا الكون، والقيام بالخلافة في الأرض .. وإدراك آثار الوجود الإلهي في صفحات هذا الوجود المخلوق .. فأما ذات الله- سبحانه- فهم لم يوهبوا القدرة على إدراكها. لأنه لا طاقة للحادث أن يرى الأزلي الأبدي. فضلا عن أن هذه الرؤية لا تلزم لهم في خلافة الأرض. وهي الوظيفة التي هم معانون عليها وموهوبون ما يلزم لها ..

وقد يفهم الإنسان سذاجة الأولين. ولكنه لا يملك أن يفهم سماجة الآخرين! إن هؤلاء يتحدثون عن «الذرة» وعن «الكهرب» وعن «البروتون» وعن «النيوترون» .. وواحد منهم لم ير ذرة ولا كهربا ولا بروتونا في حياته قط. فلم يوجد بعد الجهاز المكبر الذي يضبط هذه الكائنات .. ولكنها مسلّمة من هؤلاء، كفرض، ومصداق هذا الفرض أن يقدروا آثارا معينة تقع لوجود هذه الكائنات، فإذا وقعت هذه الآثار (جزموا) بوجود الكائنات التي أحدثتها! بينما قصارى ما تصل إليه هذه التجربة هو «احتمال» وجود هذه الكائنات على الصفة التي ارتضوها! ..

ولكنهم حين يقال لهم عن وجود الله- سبحانه- عن طريق آثار هذا الوجود التي تفرض نفسها فرضا على العقول! يجادلون في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، ويطلبون دليلا ماديا تراه الأعين .. كأن هذا الوجود بجملته، وكأن هذه الحياة بأعاجيبها لا تكفي لتكون هذا الدليل».

٢ - [قضية كلامية حول قوله تعالى لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ]

وحول قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ تدور معركة كلامية كبيرة بين المعتزلة وأهل السنة والجماعة. فالمعتزلة يحتجون بهذه الآية على نفي رؤية الله في الدنيا وفي الآخرة، وأهل السنة يرفضون هذا الفهم ويعتبرونه ضلالا؛ لما تواترت به الأخبار عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أن المؤمنين يرون الله في الدار الآخرة في العرصات وفي روضات الجنات، كما تدور المعركة بين أهل السنة أنفسهم حول رؤية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ربه يوم المعراج.

<<  <  ج: ص:  >  >>