للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإنس حيث دلّوهم على الشهوات وعلى أسباب التوصل إليها، وانتفع الجنّ بالإنس حيث أطاعوهم وساعدوهم على مرادهم في إغوائهم وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا يعنون يوم البعث وهذا الكلام اعتراف بما كان منهم من طاعة الشّياطين، واتّباع الهوى، والتكذيب بالبعث، وتحسّر على حالهم قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ. أي: منزلكم خالِدِينَ فِيها أي يخلدون في عذاب النار الأبد كله إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ إلا الأوقات التي ينقلون فيها من عذاب السّعير إلى عذاب الزمهرير أو إلى الحميم يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ، إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ فيما يفعل بأوليائه وأعدائه عَلِيمٌ بأعمالهم فيجزي كلا على وفق عمله.

[كلمة في السياق]

في مقدمة الفقرة التي نحن فيها، عرفنا من أسباب الضلال الرفض لدعوة الله ابتداء مع قيام الحجة، وعرفنا في المجموعة الأولى من أسباب الضلال إيحاءات شياطين الإنس والجن، والكفر بالآخرة، وارتكاب الآثام، واتباع الظنون، وعرفنا في هذه المجموعة أن من أسباب الضلال الكبر، ومنافسة الأنبياء، والمكر برسل الله وبالمؤمنين، وعدم التذكر والاتعاظ، وختمت المجموعة بذكر سبب آخر وهو استمتاع شياطين الإنس والجن ببعضهم بعضا، إنّ المتعة النفسية المحرّمة سبب من أسباب الضلال. وإذن فليست العلّة في ضلال الضالين هو قلة الآيات، بل العلّة في العقلية الكافرة، والنفسية الكافرة، والسلوك المجرم الكافر، فإذا ما استقر السياق على ذلك تأتي المجموعة الثالثة في الفقرة لتبين أن موالاة الشياطين لبعضهم بعضا سببها الكسب السيئ لهؤلاء وهؤلاء، فهناك صفة مشتركة تجمع بين الجميع ثمّ يسير السياق كما سنراه، وقبل أن ننتقل إلى المجموعة الثالثة في الفقرة الثانية من المقطع الأول من القسم الثاني من سورة الأنعام فلنر بعض الفوائد المتعلقة بالمجموعة التي مرّت معنا.

[فوائد]

١ - [كلام ابن كثير بمناسبة آية اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ]

بمناسبة قوله تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ يقول ابن كثير في شأن رسولنا عليه الصلاة والسلام: (هذا وهم يعترفون بفضله، وشرفه ونسبه، وطهارة بيته ومرباه ومنشئه- صلى الله وملائكته والمؤمنون عليه- حتى إنهم كانوا يسمونه بينهم قبل أن يوحى إليه «الأمين»، وقد اعترف بذلك رئيس الكفار «أبو سفيان» حين سأله «هرقل» ملك الروم: وكيف نسبه فيكم؟ قال: هو فينا ذو نسب، قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>