للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك أنهم كانوا يحرّمون ذكور الأنعام تارة وإناثها طورا، وأولادهما كيفما كانت ذكورا أو إناثا، أو مختلطة تارة، وكانوا يقولون: قد حرّمها الله فأنكر الله ذلك عليهم نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ. أي: أخبروني بأمر معلوم من جهة الله يدلّ على تحريم ما حرّمتم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في أنّ الله حرّمه

وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ. أي:

زوجين من هذا وزوجين من هذا قُلْ آلذَّكَرَيْنِ منهما حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ منهما أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ. أي: أم ما تحمل إناثها أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهذا يعني أم شاهدتم ربكم حين أمركم بهذا التحريم، ولما كانوا لا يؤمنون برسول وهم يقولون: الله حرّم هذا الذي نحرمه، فإنه سألهم على أسلوب العرب في التهكم أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ على معنى أعرفتم التوصية به مشاهدين لأنّكم لا تؤمنون بالرّسل؟ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فنسب إليه تحريم ما لم يحرم لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. أي: الذين في علمه أنّهم يموتون على الكفر بسبب ما اجترحوه من الظلم وبهذا انتهت مقدمة المقطع.

[كلمة في السياق]

١ - ذكر الله- عزّ وجل- في هذه المقدمة بعض ما خلقه للإنسان من جنات وأعناب وزروع وثمار ولذلك صلته بقوله تعالى هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً.

٢ - ناقشت المقدّمة تحريم الكافرين لبعض الأنعام ولذلك صلته بامتدادات المحور في سورة البقرة كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ والملاحظ أن قوله تعالى: وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ قد جاءت بنصها في الآية وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ لاحظ كذلك الصلة بين كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً وبين كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ.

٣ - وإذن فالمقدمة قرّرت أن الله خلق أشياء للإنسان، وأن الإنسان حرّم بعضها بدون علم، وبعد ذلك تأتي المجموعة الأولى، وفيها تحديد لبعض ما حرّمه الله، ومناقشة للكافرين فيما حرّموه. وقبل أن نعرض المجموعة فلنذكر بعض الفوائد التي لها صلة بمقدمة المقطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>