للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسرفين. تلك شريعة الله التي أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالإعلان عنها، إباحة الزينة، والطيبات وكيف لا والله خلقها للمؤمنين في الحياة الدنيا، وإن شركهم فيها الكفار حسا في الدنيا فهي لهم خاصة يوم القيامة، لا يشركهم فيها أحد من الكفار؛ فإن الجنة محرمة على الكافرين. فشريعة الله إذن إباحة الزينة والطيبات، وإنما

نهى الله- عزّ وجل- عن الخبائث، وحرم وضع الزينة في غير موضعها، فما أحلى شريعة الله، وما أجمل آياتها، وكم فصل الله هذه الآيات للعالمين، ثم حدد الله- عزّ وجل- ما حرمه، وهي الفواحش الظاهرة والباطنة، والإثم، والبغي، والشرك، والافتراء على الله، فأما الإثم فالمعصية، وأما البغي: فإن تعتدي على الناس بغير حق، وأما الشرك: فإن تعبد مع الله غيره، وأما القول على الله بغير علم: فإن تصفه بغير صفته، أو تنسب له ما لم يقله ولم يحكم به. ثم أنذر تعالى أن لكل قرن ميقاتهم المقدر لهم، لا يستأخرون عن الأجل المحدد لهم ساعة ولا يستقدمون؛ لعل الناس يتعظون فيبقوا عند ما أحل الله، ويتركوا ما حرم.

ثم يوجه الله عزّ وجل النداء الرابع لبني آدم: أنه في حالة بعثته رسولا يقص على الناس آياته فإن سنته أن من ترك المحرمات وفعل الطاعات فلا خوف عليه فيما يستقبله، ولا هو يحزن على ما خلفه، وأن من كذب بآيات الله واستكبر عن العمل بها فإنه من أصحاب النار خالدا فيها أبدا.

هذه معاني النداءات الأربعة لبني آدم وهي المعاني الفطرية التي ينبغي أن يعيها كل إنسان عقل قصة أبيه آدم، وعقل قصة البداية كلها.

وختمت النداءات بقوله تعالى: فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وهي نفس المعاني التي تدور حولها سورة الأعراف التي محورها في سورة البقرة فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ

ثم يتجه السياق فيتكلم بمجموعة آيات عن الذين كذبوا بآيات الله، وبمجموعة آيات عن المؤمنين، فبين بالمجموعة الأولى أنه لا أحد أظلم ممن يفتري على الله

<<  <  ج: ص:  >  >>