للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبين أهل الأعراف وأهل الجنة وأهل النار، ومن هذا الحوار نعرف عاقبة الكبر والكفر، وعاقبة الإيمان والعمل الصالح.

يخبر تعالى أن أهل الجنة يخاطبون أهل النار على جهة التقريع والتوبيخ إذ استقروا في منازلهم فيقولون لهم: قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟

قالوا: نعم فنادى مناد أن لعنة الله مستقرة على الظالمين، الذين صدوا الناس عن اتباع سبيل الله وشرعه، وما جاءت به الأنبياء، ويبغون أن تكون السبل معوجة غير مستقيمة، وهم بلقاء الله في الدار الآخرة جاحدون، يكذبون بذلك لا يصدقونه ولا يؤمنون به؛ فلهذا لا يبالون بما يأتون من منكر من القول والعمل، لأنهم لا يخافون حسابا عليه ولا عقابا، فهم شر الناس أقوالا وأعمالا، ولما ذكر الله تعالى مخاطبة أهل الجنة مع أهل النار نبه أن بين الجنة والنار حجابا: وهو الحاجز المانع من وصول أهل النار إلى الجنة، وهو السور الذي وصفه الله في سورة الحديد فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ

وهو الأعراف جمع عرف، وفي الأصل فكل مرتفع من الأرض تسميه العرب عرفا، وحاصل الكلام في أهل الأعراف: أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم هؤلاء أهل الأعراف يعرفون أهل الجنة ببياض الوجوه، وأهل النار بسواد الوجوه، يحبون أهل الجنة ويطمعون أن يدخلوا الجنة، وهم داخلوها إن شاء الله. فإن الله ما جعل الطمع في قلوبهم إلا لكرامة يريدها بهم. هؤلاء أصحاب الأعراف يحبون أهل الجنة كما رأينا، وإذا رأوا أصحاب النار تعوذوا بالله أن يجعلهم معهم، وكما أن أهل الجنة يقرعون أهل النار فإن أهل الأعراف يقرعون أهل النار، فينادون رجالا يعرفونهم من أهل النار بسيماهم: ما أغنى عنكم جمعكم (أي كثرتكم) واستكباركم من عذاب الله شيئا بل صرتم إلى ما أنتم فيه من العذاب والنكال. وعند ما يقول أهل الأعراف ما يقولونه يقول الله لأهل التكبر والأموال أي: لأهل النار عن أهل الأعراف أهؤلاء الذين أقسمتم لا

ينالهم الله برحمته ثم يأمر بإدخال أهل الأعراف الجنة فما أكثر حسرة أهل النار.

ثم يخبر تعالى عن ذلة أهل النار وسؤالهم أهل الجنة من شرابهم وطعامهم وأنهم لا يجابون إلى ذلك، ينادي الرجل أباه أو أمه فيقول له: قد احترقت فأفض علي من الماء فيقال لهم

<<  <  ج: ص:  >  >>