للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاشتقاق من كلمة الظلم، ثم جاءت المجموعة الأولى من فقرة نداءات بني آدم، والآن تأتي المجموعة الثانية وتبدأ بقوله تعالى فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ .. مما يشير إلى تلاحم مقدمة السورة مع المقطع الأول فيها، وهذا يؤكد أن مقدمة السورة مع المقطع الأول فيها يشكلان قسما واحدا، ولنا عودة على هذا الموضوع

٣ - نلاحظ أن الفقرة الأولى في المقطع والتي تحدثت عن قصة آدم قد ذكرت قصة الخروج من الجنة، ثم جاءت المجموعة الأولى: فذكرت بني آدم في أرضهم، وذكرتهم بمصير الأمم على الأرض، وذكرتهم بعاقبة الأمر وأنه جنة أو نار. ثم تأتي الآن المجموعة الثانية من الفقرة الثانية: وفيها أطول عرض لمشهد من مشاهد الآخرة، ابتداء من الموت الذي هو بداية الرجعة إلى ما بعد ذلك، الفقرة الأولى في المقطع فيها قصة الخروج، والفقرة الثانية فيها قصة الرحلة وقصة العودة، يقول صاحب الظلال: (وفي هذا التناسق بين القصة السابقة والتعقيبات عليها، ومشاهد القيامة اللاحقة من مبدئها إلى منتهاها من الجمال ما فيه. فهي قصة تبدأ في الملأ الأعلى، على مشهد من الملائكة- يوم أن خلق الله آدم وزوجه وأسكنهما الجنة، فدلاهما الشيطان عن مرتبة الطاعة والعبودية الكاملة الخالصة، وأخرجهما من الجنة- وتنتهي كذلك في الملأ الأعلى على مشهد من الملائكة .. فيتصل البدء بالنهاية. ويضمان بينهما فترة الحياة الدنيا ومشهد الاحتضار في نهايتها. وهو يتسق في الوسط مع البدء والنهاية كل الاتساق)

٤ - وإذن تأتي المجموعة الثانية من الفقرة الثانية وفيها قصة العودة والحساب والعقاب والجزاء، وقد سبقت مباشرة بقوله تعالى: فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها وتأتي الآية الأولى منها فتذكر أن أظلم الظالمين من افترى على أن الله كذبا أو كذب بآياته. ثم تستمر المجموعة فتذكر مشهد الوفاة وماذا يجري لأرواح الكفار: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ ثم مآلهم بعد ذلك إلى النار. كما تذكر مآل أهل الإيمان، ثم تتحدث عما يجري بعد أن يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، وعن حال أهل الأعراف، وتذكر ما يكون من حوار، وخلال ذلك نرى قوله تعالى فَأَذَّنَ

مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً ....

لاحظ كلمة الظالمين، ونرى قوله تعالى على لسان أهل الأعراف رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ إن صلة ذلك بالآية الأولى من المجموعة فَمَنْ أَظْلَمُ .... لا تخفى

<<  <  ج: ص:  >  >>