للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهم بشر وهم عاشوا بشرا. وقد يثور بينهم في الحياة الدنيا غيظ يكظمونه وغل يغالبونه ويغلبونه .. ولكن تبقى في القلب منه آثار.

قال القرطبي في تفسيره المسمى أحكام القرآن: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الغل على أبواب الجنة كمبارك الإبل قد نزعه الله من قلوب المؤمنين).

٤ - بمناسبة قوله تعالى حكاية عن المؤمنين: وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ نقل النسفي كلاما يحتج به على المعتزلة في موضوع خلق الأفعال عن الشيخ أبي منصور الماتريدي قال: (إن المعتزلة خالفوا الله فيما أخبر، ونوحا عليه السلام، وأهل الجنة والنار، وإبليس لأنه قال الله تعالى: يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ* وقال نوح عليه السلام: وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ وقال أهل الجنة: وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ وقال أهل النار:

لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ وقال إبليس: فَبِما أَغْوَيْتَنِي.

٥ - وبمناسبة قوله تعالى: أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا يقول ابن كثير:

وكذلك قرع رسول الله صلى الله عليه وسلم قتلى القليب يوم بدر فنادى: «يا أبا جهل بن هشام، ويا عتبة بن ربيعة، ويا شيبة بن ربيعة- وسمى رءوسهم- هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فإني وجدت ما وعد ربي حقا». وقال عمر: يا رسول الله تخاطب قوما قد جيفوا؟ فقال: «والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكن لا يستطيعون أن يجيبوا».

أقول: فلنقبل: على الله بالعمل والإخلاص والمحبة له ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، والبغض لأعدائه، فلعل الله يوقفنا الموقف الأكرم فنكون من أهل الدرجات العلى وما ذلك على الله بعزيز، وإن أملنا به كبير، ورجاءنا له لعظيم على تقصير في العمل واتهام للنفس.

٦ - وعند قوله تعالى فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً يقول صاحب الظلال:

(وفي هذا الوصف: وَيَبْغُونَها عِوَجاً إيحاء بحقيقة ما يريده الذين يصدون عن سبيل الله إنهم يريدون الطريق العوجاء؛ ولا يريدون الطريق المستقيم. يريدون العوج ولا يريدون الاستقامة. فالاستقامة لها صورة واحدة: صورة المضي على طريق الله ومنهجه وشرعه. وكل ما عداه فهو أعوج؛ وهو إرادة للعوج. وهذه الإرادة تلتقي مع

<<  <  ج: ص:  >  >>