للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونواميسها الكونية، ولقد شهدناه يهبط إلى الأرض مؤمنا بربه مستغفرا لذنبه مأخوذا عليه عهد الخلافة أن يتبع ما يأتيه من ربه ولا يتبع الشيطان ولا الهوى، مزودا بتلك التجربة الأولى في حياته ثم مضى به الزمن وتقاذفته الأمواج في الخضم، وتفاعلت تلك العوامل المعقدة المتشابكة في كيانه ذاته وفي الوجود من حوله، تفاعلت في واقعه وفي ضميره، ثم ها نحن أولاء في هذا الدرس نشهد كيف صارت به هذه العوامل المعقدة المتشابكة إلى الجاهلية!!!

إنه نسي .. وقد نسي .. إنه يضعف وقد يضعف .. إن الشيطان يغلبه .. وقد غلبه ..

ولا بد من الإنقاذ مرة أخرى!!!

لقد هبط إلى هذه الأرض مهتديا تائبا موحدا .. ولكن ها نحن أولاء نلتقي به ضالا مغتربا مشركا، لقد تقاذفته الأمواج في الخضم، ولكن هنا لك معلما في طريقه .. هنا لك الرسالة ترده إلى ربه. فمن رحمة ربه به أنه لا يتركه وحده

وها نحن أولاء في هذه السورة نلتقي بموكب الإيمان يرفع أعلامه رسل الله الكرام: نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى ومحمد- صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- ونشهد كيف يحاول هذا الرهط الكريم- بتوجيه الله وتعليمه- إنقاذ الركب البشري من الهاوية التي يقوده إليها الشيطان وأعوانه من شياطين الإنس المستكبرين عن الحق في كل زمان. كما نشهد مواقف الصراع بين الهدى والضلال وبين الحق والباطل وبين الرسل الكرام وشياطين الجن والإنس ثم نشهد مصارع المكذبين في نهاية كل مرحلة ونجاة المؤمنين. بعد الإنذار والتذكير ..

والقصص في القرآن لا يتبع دائما ذلك الخط التاريخي ولكنه في هذه السورة يتبع هذا الخط، ذلك أنه يعرض سير الركب البشري منذ النشأة الأولى، ويعرض موكب الإيمان وهو يحاول هداية هذا الركب واستنقاذه كلما ضل تماما عن معالم الطريق وقاده الشيطان كلية إلى المهلكة ليسلمه في نهايتها إلى الجحيم).

[المعنى الحرفي]

لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أي والله لقد أرسلنا فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ دعاهم إلى توحيد الله وعبادته وحده. إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>