للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم نقصها عليك وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ أي بالمعجزات فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا أي عند مجئ الرسل والبينات بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ بما كذبوا من قبل مجيء الرسل، أو فما كانوا ليؤمنوا إلى آخر أعمارهم بما كذبوا به أولا حين جاءتهم الرسل أي: استمروا على التكذيب من لدن مجئ الرسل إليهم إلى أن ماتوا مصرين مع تتابع الآيات كَذلِكَ أي مثل ذلك الطبع الشديد يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ لما علم منهم أنهم يختارون الثبات على الكفر

وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ أي لأكثر الناس مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ أي وإنه أي: وإن الشأن والحديث وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ أي لخارجين عن الطاعة ومعنى ما وجدنا هنا ما علمنا وهل المراد بأكثرهم الأمم المذكورون- فإنهم كانوا إذا عاهدوا الله في ضر ومخافة لئن أنجاهم ليؤمنن ثم أنجاهم ولم يفوا- أو المعنى: إن أكثر الناس نقضوا عهد الله وميثاقه في الإيمان؟.

قال الألوسي:

والكلام على تقدير مضاف أي: ما وجدنا وفاء عهد كائن لأكثرهم، فإنهم نقضوا ما عاهدوا عليه الله تعالى عند مساس البأساء والضراء قائلين: لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين، وإلى هذا ذهب قتادة، وتخصيص هذا الشأن بأكثرهم ليس لأن بعضهم كانوا يوفون بالعهد بل لأن بعضهم كانوا لا يعاهدون ولا يوفون، وقيل المراد بالعهد:

ما وقع يوم أخذ الميثاق، وروي ذلك عن أبي بن كعب، وأبي العالية، وقيل المراد به:

ما عهد الله تعالى إليهم من الإيمان والتقوى، بنصب الدلائل والحجج، وإنزال الآيات، وفسره ابن مسعود بالإيمان كما في قوله تعالى: مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً وقيل: هو بمعنى البقاء أي ما وجدنا لهم بقاء على فطرتهم.

وقال صاحب الظلال في الآية الأخيرة:

وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ، وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ ...

«والعهد الذي يشار إليه هنا قد يكون هو عهد الله على فطرة البشر، الذي ورد ذكره في أواخر السورة: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا: بَلى شَهِدْنا ...

وقد يكون هو عهد الإيمان الذي أعطاه أسلافهم الذين آمنوا بالرسل. ثم انحرفت الخلائف، كما يقع في كل جاهلية. إذ تظل الأجيال تنحرف شيئا فشيئا حتى تخرج من

<<  <  ج: ص:  >  >>