للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مواجهة بضخامة هذا الشأن الذي يسألون عنه مستهينين، وهول هذا الأمر الذي يتناولونه مستخفين. وجلاء كذلك لطبيعة الرسالة وحقيقة الرسول؛ وتقرير لحقيقة الألوهية وتفرد الله سبحانه بكل خصائصها. ومنها علم الغيب؛ وتجلية الساعة؛ يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي، لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ، ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً. يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ: إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ* قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا. إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ. وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.

وفي سياق مواجهة المشركين يجئ بيان عن طبيعة الشرك وقصة الانحراف عن عهد الفطرة بتوحيد الله، وكيف يقع في النفس هذا الانحراف وكأنما هو تصوير لانحراف جيل المشركين بعد أن كان أسلافهم الأولون على دين إبراهيم الحنيف: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ، وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها، فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ. فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما: لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ* فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما. فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ* وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ .. إنه تمثيل للأجيال المتلاحقة بصورة الحالات المتتابعة في النفس الواحدة

وهو تصوير ذو دلالات عجيبة في صدقها وفي جمالها جميعا.

ولأن المقصود هو تمثيل حالة المشركين الذين كان هذا القرآن يواجههم فإن السياق ينتقل مباشرة من المثل إلى مخاطبتهم مواجهة، ويوجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى تحديهم وآلهتهم:

وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ، سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ* إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ* إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ. وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ* وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ.

وفي نهاية السورة يتجه الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى الأمة المسلمة. يوجهه إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>